إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

واشنطن.. ورضى روسيا

نور الدين الجمال - البناء

نسخة للطباعة 2012-04-24

إقرأ ايضاً


نجحت المساعي الروسية في مجلس الأمن بإرسال مراقبين دوليين إلى سورية، وذلك بهدف تكريس الحل السياسي، الذي حملت لواءه روسيا والصين وإيران ودول "البريكس"، منذ بداية الأحداث في سورية، والتي ترجمت في خطوتها الأولى بالمبادرة التي أطلقها المبعوث الأممي كوفي أنان، بعد مشاورات جديدة ومستفيضة مع الحكومة السورية، ومسؤولي بعض الدول المعنية بالشأن السوري.

وكشفت مصادر سياسية عن أن إرسال سبعة مراقبين دوليين منذ حوالى عشرة أيام، كطليعة للمراقبين الذين وافق مجلس الأمن بالإجماع على إيفادهم إلى سورية، كان يهدف في الأساس إلى تمهيد الطريق قبل وصول 300 مراقب للإشراف على عملية وقف إطلاق النار وعمليات العنف، ولكن هذه المهمة لم تكلل بالنجاح، نتيجة عدم التزام المجموعات المسلحة والإرهابية بوقف إطلاق النار، في حين أن القوى العسكرية والأمنية السورية التزمت بذلك منذ صباح الخميس ما قبل الماضي، لا بل أكثر من ذلك، فقد صعّدت المجموعات الإرهابية من عملياتها وإجرامها من خطف وقتل للمدنيين والعسكريين وتفجير العبوات الناسفة وإحراق المنازل والمؤسسات العامة والخاصة، إلى حد أن هذه العمليات الإجرامية بلغت حوالى 593 عملية إرهابية، أي أنها عمليات خرق للاتفاق على وقف إطلاق النار، كما ورد في مبادرة كوفي أنان المكونة من ست نقاط، وأولها وقف إطلاق النار.

وتقول المصادر السياسية، إن هناك خلافاً بخصوص جنسيات المراقبين الدوليين، وأن سورية تصر على أن يكون هؤلاء من جنسيات دول محايدة، ولكن إذا لم ينفذ المقترح هذا بحرفيته، فالاتجاه يميل إلى أن تكون مشاركة روسيا في المراقبين كبيرة، وما عدا ذلك، فإن الأمور تسير بشكلها الطبيعي بالنسبة للحكومة السورية، طالما أنها المرجع الوحيد في كل ما يتعلق بالمراقبين الدوليين، عندما يصلون إلى سورية.

وترى المصادر السياسية أنه على الرغم من التجاوب الواضح من جانب الحكومة السورية مع مهمة أنان، وحرصها الشديد على إنجاح مبادرته، إلا أن القيادة السورية في موازاة ذلك تتمسك بأن أي تهديد أو هجوم من المسلحين والإرهابيين على المدنيين والعسكريين، سيتم التصدي له، والحرص على ممارسة حقها في الدفاع عن مواطنيها ومؤسساتها بجميع الوسائل المشروعة والمتاحة.

وعن تنفيذ خطة أنان، تعتبر المصادر السياسية، أن هناك عدم مصداقية في تطبيق هذه الخطة من الجانب الأميركي والأوروبي وبعض العرب وتركيا، وذلك في محاولة من هذه الجهات لإظهار الجانب السوري وكأنه هو الذي يفشل مبادرة أنان، والتلاعب على خطته من خلال المواقف المتناقضة من جهة، فإن هذه الدول وتحديداً التي تلعب دوراً في مجلس الأمن الدولي، توافق على مبادرة أنان وضرورة الحل السياسي في سورية، وفي الوقت نفسه تشجع وتدعم الدول الإقليمية والعربية على تسليح المجموعات الإرهابية وتمويلها، وهذه الازدواجية باتت واضحة لدى مسؤولي الدول الأخرى المعنية بالأزمة السورية، وفي طليعتها روسيا والصين وإيران، كل ذلك من أجل إحراج روسيا، وتوجيه الاتهام لها بأنها تحمي النظام في سورية، من هنا يأتي التنسيق الروسي ـ السوري وعلى أعلى المستويات، لإعطاء كل تسهيل لخطة كوفي أنان وعملية المراقبين الدوليين، وإطلاق حوار سياسي مع المعارضة التي اتخذت مواقف صريحة وواضحة، بأنها ضد التدخل الخارجي في الشؤون السورية الداخلية، وضد حمل السلاح في الداخل، تحت شعار الإصلاح.

وكشفت المصادر السياسية أيضاً، أن هناك محاولة خبيثة أميركية ـ فرنسية ـ قطرية ـ سعودية ـ تركية لاحتواء خطة أنان عبر اللقاء الذي جمع وزراء خارجية هذه الدول في باريس، وأن تصب عملية الاحتواء هذه لمصلحتهم وإحراج روسيا في الملف السوري، مع العلم أن القيادة الروسية متنبهة إلى هذا الأمر، وتتصرف على هذا الأساس، وما التصريحات شبه اليومية لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلا مثالاً واضحاً على مدى صلابة الموقف الروسي من جهة، حيال الوضع في سورية، وإلى تكريس أن العالم لم يعد تحت سيطرة القطب الواحد على مدى عشرات السنين، والتي هي الولايات المتحدة الأميركية، كونها نفسها وإدارتها الحالية وصلت إلى هذه القناعة من جهة ثانية وأن عالماً جديداً سيبصر النور في السنوات المقبلة، يقوم على تعدد الأقطاب.

في ضوء كل هذه المعطيات المتصلة بالأزمة السورية والانقسام الدولي بشأنها إلى محورين معروفين، ما زالت الكرة في ملعب المحور الذي يدعم المجموعات الإرهابية والمسلحة، خصوصاً بعدما أحرجت القيادة السورية ومعها حلفاؤها الحقيقيون دولياً وإقليمياً المحور المذكور من خلال التزامها وتجاوبها الكامل مع مبادرة المبعوث الأممي، وتحديداً وقف إطلاق النار وسحب المعدات الثقيلة من المدن السورية، في حين أن المجموعات الإجرامية وعصابات التكفير ما زالت وبدعم مطلق من المحور المعادي، ترتكب أفظع الجرائم والمجازر بحق المدنيين وقوات حفظ النظام، وتتعامل القيادة السورية مع هذه الأعمال بمزيد من ضبط النفس.

وفي المعلومات المتوافرة من أكثر من مصدر دبلوماسي أجنبي، أن لقاء قمة سيجمع الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين في 24 من الشهر المقبل، حيث تعلق هذه المصادر آمالاً كبيرة على مثل هذه القمة، في حين أن مصادر أخرى لا ترى فيه أي تطور جديد، لأن الرئيس الأميركي مقبل على انتخابات رئاسية، ولا يمكنه الدخول في تسويات كبرى تتعلق بالمنطقة، وليس في الوضع السوري فقط.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024