إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مقوّمات «استرداد الهيبة»

شبلي بدر - البناء

نسخة للطباعة 2012-09-11

إقرأ ايضاً


أبرزت إحدى الصحف اليومية في صفحتها الأولى عنواناً مفاده «سليمان يستردّ الهيبة». ما إن يقرأ المرء هذا العنوان حتى يدرك من خلال معرفته بمدير شؤون تلك اليومية القصد من إبرازه والخلفية السياسية التي دفعته إلى محاولة إعادة التموضع في المكان نفسه الذي كان يشغل قسماً منه في مطلع العهد، وهي خدمة مستقبلية لرصيد متجدد يصرف في الانتخابات المقبلة ضمن حسابات «مناطقية» وشخصية في آن معاً.

عندما يجري الكلام على «استرداد الهيبة» يجب ألا يكون القصد منه هيبة الشخص المعني، إذ لا يختلف اثنان على أن رئيس الجمهورية المقصود بعنوان تلك الصحيفة رجل عسكري عصامي عريق، خدم الوطن بإخلاص وتفان مميزين، وليس في حاجة إلى استرداد هيبته الشخصية، فهي لم تهدر ولم تنتهك، بل ما زال محافظاً على نظاميته ومسؤولاً أمام قسمه بأمانة وإخلاص.

ما نودّ الإضاءة عليه، وما نطالب به بإلحاح، هو كيف تُستردّ هيبة الدولة والقانون؟ وكيف نحافظ من خلال استردادهما على الثوابت الوطنية والقومية والأخوة بين الدول الشقيقة؟ وكيف نضع حداً حاسماً للدول العدوة التي تتلاعب طائفياً ومذهبياً بمجموعات الوطن ونسيجه الاجتماعي؟ وكيف نقطع دابر الحالمين بدويلات هزيلة مفصّلة على أحجام «زعماء» لا همّ لهم إلاّ مصالحهم الشخصية التي يقدّمونها على مصلحة الوطن والأمة؟ وكيف نطلق يد القضاء النزيه والجيش الوطني لوضع حد لكل المتطاولين على الوطن والمواطنين وتوقيف القتلة والمجرمين والعملاء فلا ندخلهم السجون من الأبواب كي نخرجهم من الشبابيك بمواكبات رسمية مع حوافز مالية تشجعهم على تكرار محاولاتهم ومخالفاتهم للقوانين، وكيف نوقف الموظف الفاسد والمرتشي عن متابعة استغلال مسؤوليته ومركزه ووظيفته في إثراء غير مشروع على حساب خدمات المواطنين الذين يستنزفون على أبواب الدوائر والإدارات على اختلافها، وكيف نضع حداً نهائياً لاستباحة الحرمات والاعتداء على الحريات العامة والخاصة، وكيف نطبق معاهدات الأخوة والصداقة والتعاون بشكل يحفظ كرامة الوطن والمواطن، وكيف نمنع استخدام الأرض والبحر والأجواء الوطنية من أن تكون ممراً للاعتداء على الدول الصديقة والشقيقة، وكيف نوقف بواخر الأسلحة التي ترسلها دول المحور «الإسرائيلي» والأميركي وأتباعهما من المستعربين من إفراغ سمومها وإجرامها على شواطئنا، وبعض المواطنين الذين يستسهلون العيش بحفنة من الدولارات القذرة على حساب سلامة البلاد والعباد، وكيف نوقف تدفق المسلحين الأغراب والأعراب من استخدام بعض المناطق المتاخمة للدولة السورية الشقيقة بؤر فساد ينطلقون منها للتخريب والإجرام.

أكثر من كلمة كيف وكيف... وأكثر من تساؤل محقّ يمكن طرحه واستخلاص العبرة منه لاسترداد هيبة الدولة، وبعض الأسئلة لا يمكن الإفصاح عما تعنيه لئلا يدفع المتسائل غالياً ثمن تساؤله، فبعض المتسلطين المتحكمين في الإدارات والذين يستغلون وظائفهم ومسؤولياتهم وانتماءهم الطائفي والمذهبي استطالت أساليبهم القمعية ووصلت إلى رقاب بريئة آمنة وأفواه صادقة أسكتتها بشكل أو بآخر، والبعض استغل مركزه أيضاً وسلطته فقدم كثيراً من المغريات لأتباعه، أما البعض الآخر الذي يدعي العفة ونظافة الكف فهل يمكننا أن نسأل عمن يحاسبه أو يكشف عن أرقامه المالية وأرصدته في المصارف ومقتنياته المنتقولة وغير المنقولة ومن أين أتى بها كلها؟

في المحصلة، إن هيبة الدولة بأجهزتها وإداراتها ومؤسساتها مطلوب استردادها إلى أحضان الدستور والقانون وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب لتكون لنا دولة بكل معنى الكلمة، إذ أن هيبة الحاكم العادل تستردّ من خلال استرداد هيبة الدولة وهيبة القانون، ورئيس البلاد الذي نحترم ليس في حاجة إلى عناوين براقة تتصدّر الصفحات الأولى في صحف درج مسؤولون فيها ومشرفون على نقل البندقية من كتف أخرى تمشياً مع المتغيرات الحاصلة في الجوار وهم يحلمون من خلال ركوب تلك الموجات العابرة بأنها ستكون جسر عبور إلى «ربيع عربي» يحاولون دخول حقله والتمتع بـ»اخضراره» الوهميّ، إذ سيكتشفون عاجلاً أن ذلك «الربيع الإسرائيلي» لا يتمتع بمقوّمات الحياة الحرة الكريمة وسيسقط تحت أقدام المقاومين والمدافعين الشرفاء مهما غلت التضحيات.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024