إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«حكيم» خارج الطبيعة

شبلي بدر - البناء

نسخة للطباعة 2013-10-01

إقرأ ايضاً


مذ أُخرج من السجن وهو يمارس دور «الحكيم» ولكن ليس في مهنة الطب كما هو متعارف لدى في استعمال هذه التسمية. فهو يظن نفسه «طاليس» أحد الحكماء الإغريق السبعة الذي فسّر أن الماء هو أصل الوجود أو يخال نفسه هيراقليدس الذي خالف طاليس وأشار الى أن أصل العالم نار ولعلهما قاربا معاً جزءاً من الحقيقية أو ألمحا الى نصفها ولم يأتيا على ذكر الهواء والتراب الأجزاء المكملة للماء والنار في تكوّن أصل الوجود. هذه العلل المادية المتعارف عليها لدى الأغريق الذين تمايزوا في محيطهم الواسع عن أترابهم في هذه التحديدات الفلسفية في ما بعد وأضافوا الى العلل المادية العلّة الأساس المحركة وهي علّة العقل الذي لم يأت «حكيم معراب» على ذكرها ولم يستند إليها في تفسيراته السياسية لأي حدث كان.

ما قبل السجن وما بعده المشكلة مع «ناسك معراب»هي هي أي منذ «حالات حتماً» وما استتبعها من «تنبؤات» مثل توقيت رحيل الرئيس الأسبق إميل لحود عن السلطة إلى توقيت انهيار السلطة في دمشق إلى التوقعات كلها التي أتحف اللبنانيين والعالم بها ولم تتحقق أقواله و»استشرافاته» الغيبية مرة واحدة! أما آخر ما تفوّه به «الحكيم» بشأن الأزمة السورية فهو «أن الحكومة الأميريكية حصلت على أهدافها من دون أن تقوم بالضربة العسكرية التي كانت تهدّد بها ومن دون جهد أو أخطار تذكر» أي «أن الدولة السورية تخلت عن مخزونها الاستراتيجي من الأسلحة الكيمياوية بلا قيد أو شرط».

عجيب أمر هذا الرجل فهو قطعاً لم يتابع تصريحات الرئيس الأسد أو ما أوضحه كلّ من وزير الخارجية أو وزير الاعلام وأكثر من مسؤول سوري حول الموضوع وقطعاً لم يسمع بما أجاب به الرئيس الأسد «أن لدى سورية ما يعمي أبصار «إسرائيل» خلال دقائق» وقد ترك الباب موارباً لاستنتاج ما يعنيه هذا الكلام أو أن «المتنبىء» أو المعتقد «أن الخط من طهران الى الرويس أصيب بضربة كبيرة» تجاهل تلك التصريحات كي لا يعترف بأنه فاشل في جيمع تحليلاته وتوقّعاته خاصة إذا كانت على طريقة «كَذِبَ المنجمون ولو صدقوا».

ليهدأ بال «الحكيم» وليطمئن إلى أن الدولة السورية تتابع المستجدات بحكمة وروية وان ما لدى قيادتها من الإدراك العاقل والبعد الاستراتيجي للصراع العربي «الإسرائيلي» ليس موجوداً لدى أمثاله الذين يأخذون من الأمور قشورها وسطحيتها ويتجاهلون النجاحات الجمّة التي حققها الجيش العربي السوري وقيادته السياسية على صعيد المعارك العسكرية والعمل الدبلوماسي والعلاقات الدولية التي مكّنتها من الوقوف أكثر من سنتين ونصف سنة في وجه أعتى معركة تدور رحاها بين الحق العربي السوري وباطل التكفير الذي روّج له هو وأمثاله من الحالمين بأنهم سيعودون الى بيروت عبر مطار دمشق الدولي وقد يكون كذلك لكنهم سوف يمرّون من تحت أقواص النصر السورية وصور الرئيس الأسد تعتلي تلك الأقواس فأهلاً بمن يعود تائباً عن خيبة توقعاته وانهيار أحلامه وأحلام الطامعين بذرّة تراب من بلاد الشام أميركيين كانوا أو أعراباً أو مستعربين أو منجّمين خاب فألهم في أفكارهم وحججهم الواهية وابتعادهم عن علة العقل التي تحرّك الوجود.

البَوْن الشاسع بين حكماء الإغريق و»حكيم معراب» فالإغريق فسّروا الطبيعة بعناصر من الطبيعة أما الأخير فتوقعاته وتفسيراته للأمور الطبيعية مجرّد سرد خياليّ أو كلام خرافيّ بعيداً حتى عن الحدس الفلسفي الذي يخطو نحو الفكر الإنسانيّ والواقع المعاش والى مقاربة الحقيقة والأمور الطبيعية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024