إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

«كالعيس في البيداء...»

شبلي بدر - البناء

نسخة للطباعة 2013-10-08

إقرأ ايضاً


«ما في دولة» يجيبك كلّ من تسأله عن «الوضع» أو كلّ من تحاول أن تأخذ رأيه كامرئ يضع نفسه في موقع العارف أو الباحث وما أكثر هؤلاء رغم تراجع إطلالاتهم التلفزيونية رحمة بأعصاب الناس بعدما ضجّت بهم شاشات العرض «توقّعاً واستشرافاً وتنبؤات»!

في زمن «النأي بالنفس» يكتشف المرء أن في القول بعدم وجود الدولة بالمعنى الكامل للكلمة بعض الحقيقة لأسباب كثيرة منها: الأمن المترنّح بين أصحاب القرار وتعدّد مصالح الطوائف والمذاهب والانتماءات «الحزبية» والولاءات التي تحرّكها دول تسعى الى مصالحها ولا همّ لديها من يدفع ثمن الدمار والخراب والدم المراق... يضغط الوضع المعيشي بثقله على غالبية المواطنين وسط انعدام فرص العمل خاصة على أبواب الشتاء القاسي الذي بشّرت به نشرات الأرصاد الجوية لهذه السنة والغلاء الذي لا قدرة لأصحاب الدخل المحدود على مواجهته والأقساط المدرسية التي ترتفع عشوائياً مع ملحقاتها التي لا تعد ولا تحصى والأهم عجز الناس عن تأمين مستلزمات التدفئة بالأسعار التي تتناسب مع إمكاناتهم.

«أين الدولة؟» سؤال مطروح بقوة على مساحة الوطن وماذا عن المنادين بـ«النأي بالنفس» فيما لا أحد نأى بنفسه عن التدخل في الحوادث الجارية على الأرض السورية وتهريب السلاح «على عينك يا تاجر» وتسلّم الأموال من الخارج لتمويل الخلايا النائمة... واليقظة مستمرّ أيضاً منذ حوادث مخيم نهر البارد إلى اليوم والجميع يعلم كيف جرى السطو المسلح على أحد المصارف يوم رفض تسليم الإرهابيين «رواتبهم» فسلبوا ما كانوا يتقاضونه بالقوة رغم تنكر الممولين لهؤلاء!

لو أردنا تعداد الشواهد على «عدم وجود الدولة» لبدأنا بالفساد المستشري والأمن السائب والعدل الذي يلزمه مزيد من التفعيل والفقر المدقع الذي تعانيه غالبية فئات المجتمع...

أبرز ظاهرة نافرة في هذا السياق عدم الاتفاق على جلسة لمجلس الوزراء تناقش فيها قضايا الناس الملحة والسكوت المريب مِنَ الذين يفترض أن يرفعوا الصوت عالياً مطالبين بوضع حد للانهيار المخيف بدءاً من الجسم النقابي الصامت مثل أبي الهول وصولاً الى ممثلي الشعب ومشرعي القوانين ومراقبي السلطة التنفيذية.

نعيش «على بركة الله» اذا جاز التعبير في غياب الدولة فلو كانت عندنا دولة في المعنى الحقيقي والفعلي لبدأت باستخراج الثروة النفطية الموعودة التي بشروا اللبنانيين بها منذ عدة سنوات قبل أن تمتد أذرع الأخطبوط «الإسرائيلي» الى المخزون الكبير في البحر والبر ولأنقذتنا من الديون المتراكمة والعجز المالي الذي يرتفع سنوياً ولتحركت عجلة الاقتصاد بشكل أفضل... فإلى متى تبقى الدولة رهينة نظام المحاصصة الطائفية والمافيات وتجار السلاح والسياسات الكيدية؟

هذا البلد الفسيفسائي الانتماء يغتاله الفقر والعوز وينهشه الفساد ويتحكم في مقدراته المفسدون فيما النفط والغاز مدفونان في باطنه. إنه يشبه الى حد كبير قافلة العَيس التي تحمل الماء على ظهورها وتعبر الصحراء فيما الظمأ يقتلها فتخرّ صريعة وسط البيداء القاحلة؟


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024