لم يصل في دراسته إلى المرحلة الثانوية، لم يدخل جامعة. لم يصبح طبيباً ولا مهندساً ولا محامياً ولا دكتوراً في أي حقل ولا موظفاً مرموقاً في الدولة أو في أي مؤسسة.
إلا أنه شرب من العقيدة القومية الاجتماعية التي اعتنقها حتى الثمالة. تسرّبت إلى شرايينه وإلى أوردته وإلى كل خلية في جسده وفي روحه. حمل مصباحها وراح ينير ويضيء ويكرز. حمل سلاحه وصوته يحدو بالمواويل. تحمل التعذيب فلا وهن. الفقر فما ضعف - التشرد فما نسي لحظة أنه ابن ذلك الحزب العظيم وتلميذ سعاده.
تستمع إليه، فتطرب وترجو ألا يصمت وأن تبقى الكلمات تصدح من بين شفتيه.
غدا إن سألنا التاريخ أن نحكي ونشرح ونوضح الكثير، سوف ندله إلى كل قرية ودسكرة ومزرعة في بلادنا ليعرف كيف نشأ الحزب وتأسس وانتشر. سوف نشير إليه أن يسأل كل عائلة وعشيرة وطائفة. سنقول له اذهب وسجل عن مشهور دندش ومحي الدين كريدية وعساف كرم وميشال الديك ومحمد الصلاح ومنير الملاذي ومحمود نعمة وعبد الله الجبيلي وديب كردية وتوفيق رافع حمدان ومحسن نزهة و... مئات مئات الشهداء، والأبطال الشهداء - الأحياء، الذين عندما رفعوا أياديهم بالقسم ارتفعوا بوعيهم ومضاء عزيمتهم وإيمانهم فما عرفوا غير حزبهم معتقداً، وما أشركوا بولائهم أي هوى لعائلة أو طائفة أو عشيرة.
غيرنا يرتفع في العيش منفعة ذاتية، وجاهاً، ومركزا اجتماعيا، أما نحن فنرتفع في الحياة إيماناً وبطولة وتفانياً وانصهاراً بالأمة وبالحزب إلى حد الذوبان .
لغيرنا أن يسعى إلى بناء نفسه منفعة ووصولاً إلى أفضل. نحن نسعى إلى بناء حزب وأمة ونفنى في سبيلهما.
لولا هذا الإيمان. لما نما حزينا وانتشر رغم كل الأعاصير.
ولولا العمالقة لما استطاع حزبنا أن يصمد وأن يستمر وأن يبقى قدوة لأجيال.
بالعمالقة ينتصر حزبنا.
|