إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لماذا يذهب أردوغان إلى انتخابات مبكرة في تركيا؟

د. هدى رزق - البناء

نسخة للطباعة 2018-04-24

إقرأ ايضاً


على الرغم من خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان حول ضرورة عقد الانتخابات في موعدها أيّ في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، اقترح حليفه السياسي رئيس حزب الحركة القومية دولة بهشلي في 17 نيسان/ أبريل إجراء انتخابات مبكرة. وضرورة وجود برلمان جديد في أقرب وقت ممكن، يتشكل من خلال تحالف انتخابي مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، بعد ان اكدت استطلاعات للرأي أن التحالف بالكاد يصل إلى 50 في المئة.

ليست المرة الاولى التي تأتي الاقتراحات هذه من الحركة القومية ومن بهشلي بالتحديد، ففي أبريل 2007، خلال «أزمة الانتخابات الرئاسية» في البرلمان، كان بهشلي هو الذي حثّ رئيس الوزراء آنذاك أردوغان على إجراء انتخابات مبكرة لتحديث الثقة. وفي انتخابات يوليو / تموز من ذلك العام، تمكّن حزب العدالة والتنمية من تعزيز قوته. ومن خلال دعم حزب الحركة القومية، انتخب عبد الله غول في وقت لاحق رئيساً للبلاد. في ليلة الانتخابات في 7 يونيو 2015، وخسارة حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية، كان بهشلي هو الذي قال إنه سيكون من الأفضل الذهاب إلى انتخابات مبكرة بدلاً من تشكيل حكومة ائتلافية. وفي انتخابات نوفمبر 2015 اللاحقة استعاد حزب العدالة والتنمية الأغلبية البرلمانية، وبدأ في الضغط من أجل النظام الرئاسي التنفيذي، الذي كان مطلباً لأردوعان منذ عام 2007.

إلا أن تركيا لم تذهب إلى صناديق الاقتراع في يناير / كانون الثاني 2017. إذ لم تلاق دعوة بهشلي أذناً صاغية لدى اردوغان الذي كان يحاول أن يأخذ البلاد إلى استفتاء لإعطاء صلاحيات تنفيذية أكبر للرئاسة وكان يفتقر إلى الدعم البرلماني اللازم لذلك. جلس حينها أردوغان وتحدّث مع بهشلي. على أثرها أيّد زعيم حزب الحركة القومية، مشروع أردوغان في التصويت البرلماني اللاحق وفي استفتاء أبريل 2017. فاز أردوغان بفارق ضئيل بأقل من نقطتين مئويتين. الأمر الذي مهّد الطريق بين الحزبين لإقامة الحلف الذي نراه اليوم. من أجل ذلك، حصل بهشلي عام 2017 على القدرة الى الذهاب إلى الانتخابات دون المخاطرة بالهبوط من دون العتبة الانتخابية المقرّرة والبالغة 10 في المئة.

ليست صدفة تزامن دعوة بهشلي لإجراء انتخابات مبكرة، قبل يومين من تصويت البرلمان لتمديد حالة الطوارئ في 19 أبريل / نيسان. باعتبارها ضرورة وطنية.

إذ لم يتأخر الرئيس رجب أردوغان بالاعلان بعد جلوسه مع بهشلي في 18 أبريل، أن تركيا ستجري انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 يونيو/ حزيران. يمكن وصف قرار إجراء انتخابات مبكرة على أنها صممت من قبل أردوغان وبهشلي. فالقرارت تأتي من اردوغان والإخراج من بهشلي.

لكن لا يبدو حزب العدالة والتنمية في كامل عافيته بعد التصدعات التي تعرّض لها منذ إعادة انتخابات حزيران العام 2015، ومحاولة الانقلاب في تموز الـ 2016 . فالروح القتالية في حزب العدالة والتنمية تراجعت بعد أن فقد الحزب الكثير من نفوذه، لأن أردوغان ودائرته الضيقة من رجال أعماله وأسرته هم من يتخذون القرارات. فالانتصار الباهظ الثمن والمنخفض في نسبة التأييد في الاستفتاء الرئاسي في نيسان 2017 وادعاءات المعارضة بشأن الاعتراف ببطاقات اقتراع غير ممهورة، أساءت الى صورة حزب العدالة والتنمية.

لكن ثمة تساؤلات تطرح عن الأسباب التي أوجبت الذهاب الى انتخابات مبكرة. بيد أن المطلع على الاقتصاد التركي يعلم انه يلعب الدور الابرز، اذ ان العجز في الحساب الجاري والتضخم، وديون القطاع الخاص آخذة في الازدياد، كما أن انخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي واليورو يمكن أن تساهم في نمو المخاطر السياسية. السبب الرئيسي وراء قلق أردوغان إذاً هو اقتصاد تركيا الذي يتفكك فالاقتصاد المستقر نسبياً، هو الذي أبقى حزب العدالة والتنمية في السلطة في السنوات الماضية. صحيح ان النمو مرتفع لكن أدى طلب إعادة هيكلة الديون الأخير لمجموعتين تجاريتين كبيرتين، «أولكر ودوغوش»، إلى خلق حالة من التشاؤم في بيئة الاستثمار. كما أن القوة الشرائية تتآكل بسبب التضخم والليرة الضعيفة. فالناس في المدن الكبرى يكافحون حقاً من أجل تغطية نفقاتهم، وهذا يقوّض جوهر حزب العدالة والتنمية.

وكان من اللافت انه بعد إعلان أردوغان المفاجئ إجراء الانتخابات بدأت الأسواق تدعم الانتخابات المبكرة، على أمل أن تؤدي إلى إنهاء حالة عدم اليقين.

– السبب الثاني هو ضرورة استثمار العملية العسكرية التركية في منطقة عفرين في سورية التي ادت الى ارتفاع المشاعر القومية في تركيا، إذ زاد التأييد لحزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية، لكن مع انتهاء العملية والانتقال الى الدبلوماسية مع روسيا والولايات المتحدة، قد يتلاشى تأثير «عفرين» ويؤدي إلى انخفاض الحس القومي مما سيعيق امكانية استثمارها.

وبالرغم من سجن دد نواب ب الشعوب الديمقراطي على رأسهم صلاح الدين ديمرتاش بتهمة دعم حزب العمال الكردستاني، لا تزال استطلاعات الرأي تظهر أن حزب الشعوب الديمقراطي سوف يتخطى العتبة الوطنية المقررة لدخول البرلمان البالغة 10 في المئة. وهناك خوف بأن تزداد هذه النسبة اذا ما تأخر استثمار عفرين.

وفي ظل تحالفه مع الحركة القومية، من الممكن أن يصل حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى 50 في المئة، من الدعم اللازم لإعادة انتخاب أردوغان في الجولة الأولى، لكن هناك خطورة في استمرار دعم الناخبين الأكراد المحافظين له.

هل ستسفر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عن فوز أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم وتسمح لهم بالاحتفاظ بقبضتهما الحديدية. سيفوز ربما أردوغان لأسباب عدة أهمها التناقضات الداخلية للمعارضة. فحزب الشعب الجمهوري لا يأخذ القرارت الجريئة وهو يخشى التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي ويسعى الى التحالف مع أحزاب صغيرة وليس لديه مرشح قوي في وجه اردوغان.

وقد لا يعترف المجلس الأعلى للانتخابات بأحقية «أكشنر» التي ألفت حزب «ايي بارتي» أي حزب «الجيد» بعد انفصالها عن حزب الحركة القومية بالترشّح. اما الإعلام فهو بمعظمه في يد اردوغان ومع بيع آخر إمبراطورية وسائل إعلام مستقلة في تركيا الشهر الماضي، اي مجموعة «دوغان»، إلى رجل أعمال موالٍ للحكومة، أصبحت سيطرة الدولة على الاعلام شبه مطلقة، اما القانون الانتخابي الجديد فهو سيمكّن السلطة من التزوير على نطاق واسع.

يجاول مساعدو «اكشنر» في حزب «الجيد» استكشاف الخيارات المحتملة للتحالف بينها وبين حزب السعادة الإسلامي الصغير إلى جانب حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري من أجل حرمان حزب العدالة والتنمية من الأغلبية. ولكن تبقى هذه الأمور تكهنات الى ان تعقد التحالفات في هذه الفترة القصيرة والتي تتمثل بشهرين فقط.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024