إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مناورة على الهامش أو هامش مناورة

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2015-10-12

إقرأ ايضاً


يُجمع المراقبون على أنّ أداء الإدارة الأميركية في ما خصّ الأزمة السورية بعد الاندفاعة الروسية باتجاه المياه الدافئة، أداء مرتبك. هذا لا يعني بالمطلق أنّ المفاجأة تتعلّق بإمكانية الدخول الروسي على خط الأزمة. إنما بالمستوى العملياتي الكبير وحجم القوى المشاركة، ونوعية الأسلحة الجديدة والمحضّرة سلفاً على أهداف منتقاة بدقة عالية، وترسيم المراحل المطلوب إنجازها وصولاً إلى تحقيق أغراض سياسية معلَن عنها. وإذا تجاوزنا توقيت الدخول المحسوب على دقائق الاستحقاقات الإقليمية والدولية تمكنا من تقدير المطلوب إنجازه في كلّ مرحلة على حدة.

تهدف المرحلة الأولى إلى تدمير القوى التي تشكل تهديداً مباشراً على أماكن انتشار الجيش السوري والقوى المؤازرة، خاصة في منطقتي الوسط والشمال بغية إلغاء فكرة المنطقة الآمنة، وتوسيع رقعة الحركة وحريتها، مع الإبقاء على الوجود العسكري لقوى حماية الشعب الكردية تحسّباً لأيّ مغامرة تركية مدفوعة من أميركا أو أية حسابات خاطئة للحزب الحاكم فيها. وربما تتناول هذه المرحلة استعادة تدمر وتنظيف البؤر المتبقية في الوسط، تأكيداً على وحدة الأرض السورية. على ضوء هذه المرحلة ستتمّ الدعوة الى «جنيف ـــــ 3» مشفوعاً بالمبادرة الروسية على حلّ سياسي يتكوّن من حكومة انتقالية تشرف على انتخابات لمجلس الشعب تحت أنظار مراقبة دولية في عدادها الأساسي الصين وروسيا. بحيث يكون للشعب السوري وحده حق الخيار بانتقاء قيادته من دون تدخلات أجنبية.

إذا تمّت الاستجابة لهذه الدعوة، فتستكمل باقي الخطوات على المنوال نفسه، أما إذا كان الجواب سلبياً، فيتمّ الانتقال إلى المرحلة الثانية بضرب كلّ معاقل العصابات الأخرى وصولاً إلى الحدود الأردنية وحدود الجولان بالكامل. هذا لا يعني بالمبدأ دخولاً برياً روسياً بل ستبقى المساعدة مقتصرة على الدعم الجوي للقوى البرية السورية، مع الدعم المباشر بصليات صواريخ بعيدة المدى وبواسطة السفن الحربية سواء من بحر قزوين أو من البحر الأبيض المتوسط، وهو دعمٌ كافٍ لتحقيق إنجازات ميدانية حقيقية خلال أشهر.

من المؤكد أنّ الأميركي وحلفاءه لن يقفوا مكتوفي الأيدي، لكن بالتأكيد أيضاً لن يخوضوا حرباً مع القوى المتحالفة من الصين حتى الضفاف الشرقية للبحر الأبيض المتوسط من أجل المعارضة السورية، متشدّدة كانت أم معتدلة بل ستلجأ أميركا ومن يسير في ركبها إلى المناورة على هامش مسرح العمليات السوري. ومن المتوقع أن تلجأ إلى الإجراءات التالية:

ـــــ محاولة إسكات انتفاضة الحجارة والسكاكين في فلسطين المحتلة من خلال إعطاء وعود كاذبة أو وهمية للسلطة الفلسطينية، والضغط على حماس عبر عملائها في الخليج وجماعة الإخوان المسلمين وتركيا، لإراحة جيش العدو «الإسرائيلي» تمهيداً لاستخدامه في لبنان.

ـــــ تسخين الساحة اللبنانية عبر قوى 14 آذار سياسياً، والخلايا التكفيرية النائمة أمنياً ورفع وتيرة الاشتباك السياسي في ظلّ دولة عاجزة إدارياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وفي ظلّ فراغ رئاسي، وشلل حكومي وتعطيل تشريعي، بغية جرّ المقاومة إلى اشتباك داخلي تمهيداً لضربها من قبل جيش العدو «الإسرائيلي» شكلاً وتدخل أميركي فعلاً. إنّ هذا الهدف الجديد القديم هو ما يسعى إليه محور الشرّ بكلّ تفرّعاته وأطيافه ودوله، لتصبح الساحة اللبنانية مشابهة للساحة الفلسطينية كما للساحة الأردنية التي ستنتقل إليها «داعش» من سورية والعراق.

إنّ المناورة على هذا الهامش في الاعتقاد الأميركي ستعيد تطويق سورية من جديد وتؤدّي إلى مفاوضات مع الروسي بعيداً عن بنود «موسكو 3».

لكن المناورة في الهامش هي غير هامش المناورة المسموح به من قبل المحور الروسي الصيني السوري الإيراني العراقي، وربما المصري. فالمقاومة خط أحمر، ومصالح الكبار خط أحمر، وإنّ إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بنظام عالمي متفرّد خط أحمر.

إنّ نظاماً عالمياً جديداً متعدّد الأقطاب سيبدأ من سورية التي ستبقى قلب العالم ونبضه الحضاري.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024