إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

جنيف 3 على إيقاع النتائج الميدانية

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2014-02-24

إقرأ ايضاً


اصبح واضحاً، أن كل مرحلة من مراحل التفاوض في جنيف تتسم بخلطة سياسية ونكهة مميزة عما قبل. هذه الخلطة السياسية الديبلوماسية، المصنوعة في المطبخ الأممي، تعتمد على مسألتين اثنتين: أولا الوقائع الميدانية المعبّر عنها بالنقاط الاستراتيجية الممسوكة ،ومدى الاستحواذ الفعلي للقوى على الأرض وتالياً حرية الحركة باعتبارها مقوّم أساس في معايير الربح أوالخسارة. ثانياً، استنفاد ما تبقى من حرية المناورة السياسية للإنجاز الأساس في سلسلة أهداف الحرب.

عقد جنيف1، بمعطيات ميدانية مختلفة عن «جنيف ـ2»، وعليه كانت النقاط المطروحة على بساط البحث تختلف من حيث الأولويات والأهمية. ولم تكُ الجولة الثانية في جنيف 2 أكثر من محاولة العودة لتثبيت حدود الحوار حول النقاط المطروحة في بداية هذه الجولة. غير أن المعطيات المستجدة دفعت الأمور إلى تعزيز موقع الوفد الحكومي، وهو ما رفضه تجمع قوى المعارضة، المعتمد أصلاً على المناورات السياسية الاميركية الغربية، والمتمركزفي فنادقها، بعيداً عن مدى ارتباطه بالأرض وتمكنه من مسك القوى التي يعتبر نفسه ممثلاً لها.

لا شك أن جنيف3 سيكون انعكاساً لما تؤول اليه المعارك الميدانية. كما ان مدة الانتقال من جنيف 2 الى جنيف 3 ستبقى فرصة لانتاج وضعية وظروف يعتبرها كل طرف لصالحه. وهي من ثمّ مرحلة زمنية، تعمل من خلالها القوى الدولية الكبرى على تطويع الأطراف المتصارعة لتتناسب مع صياغاتها للحلول المتفق عليها في ما بينها، مع ترك هوامش للتبدلات المحتملة على الأرض. ويبدو أن العنوان المقترح في هذه المرحلة هو محاربة الإرهاب، خصوصاً التنظيمات المتعلقة والمرتبطة بتنظيم القاعدة ونماذجها التي تستلهم الفكر الوهابي. لقد ظهرت بوادر هذا التطويع على الساحة السعودية بالتغييرات التي حصلت في جهازها الأمني، كما في الإدارة التربوية وتغيير المناهج التعليمية، وتبدل التوجهات الموحى بها من النظام الملكي لدار الافتاء في ما يتعلق بالرعايا السعوديين الذين يقاتلون في سورية.

غير ان للولايات المتحدة، الحاضنة والداعمة، بل المتماهية مع المصالح «الاسرائيلية» هامش مناورة تحاول من خلاله الاستفادة من الظروف التي تعمل على إنضاجها بالتنسيق مع العدو الصهيوني لتحقيق أمن هذا الأخير، واستطراداً خلق الظروف المؤاتية لتثبيت حزام أمني سياسي يكون سداً مستقبلياً منيعاً يقيها، ما تسميه خطراً على وجودها.

إن فتح الكيان الصهيوني أبواب مشافيه، بوجه المعارضة في سورية تحديداً في محافظة القنيطرة بشكل مباشر وعلى الحدود الأردنية بالمداورة، بالإضافة الى دعمه اللوجستي، يعني بشكل مؤكد واستناداً الى التجارب السابقة مع هذا العدو انه يرسم ويحضّر لإيجاد مناخات تسمح بإقامة كيان هزلي على طريقة «دويلة سعد حداد» اللبنانية البائدة تكون جسر عبور لمحاولة تقسيم سورية من جديد. إلا أن أخطر ما في هذا المشروع هو امتداده من الجولان إلى إربد وصياغته على قاعدة طائفية، وربما تمدده داخل الأراضي اللبنانية، بحيث يطاول المشروع ثلاثة كيانات دفعة واحدة الأردن وسورية ولبنان.

لا شك أن الإدارتين السياسية والعسكرية في سورية، يعيان خطورة هذا الوضع، ولقد شاهدنا في الأيام الأخيرة إنجازات عسكرية مهمة على مستوى محافظة القنيطرة تؤكد صحة ما ذهبنا إليه. في الوقت الذي يؤلمنا ألا نشاهد هذا القلق، في مراكز القيادات السياسية لكل من الأردن ولبنان.

إن تشكيل الحكومة اللبنانية يأتي في السياق نفسه، اي الهدوء النسبي بانتظار جنيف3 ، أو ما يمكن وصفه بهبوب العاصفة، إذا ما قدّر لقوى الشر ان تضع مشروعها موضع التنفيذ.

من الطبيعي أن نقول إنها مرحلة مفصلية في تاريخنا لأنها ستضعنا أمام واقع جديد، إما الانتصار أو الهزيمة. إلا أننا نراهن على وعي شعبنا، على إرادة شعبنا، على قوة شعبنا، على حق شعبنا في هذا الصراع، ولا نضع نصب أعيننا إلا الانتصار، لأننا أقوياء «فالقوة هي القول الفصل في إحقاق الحق القومي أو إنكاره».


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024