إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الجنرال ثلج يسرّع العمليات جنوباً

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2014-11-10

إقرأ ايضاً


الجنرال «ثلج»، تعبير استمدّ مضمونه من الحروب التي تقع عملياً في فصل الشتاء، وعادة في المناطق التي يتراكم فيها الثلج بشكل يقيّد حركة الجيوش، ويوقف عملياتها جزئياً أو كلياً. وهو تعبير صنو لجنرال «مساحة» الذي اتخذ من الأرض الشاسعة والقادرة على ابتلاع كثافة الجنود العالية على رغم حركتها غير المقيّدة.

التعبيران السابقان، وعلى رغم تناقضهما في الأداء، إلا أنهما يشكلان عوامل حاسمة في المعركة، كما حصل مع هتلر خلال الحرب العالمية الثانية في هجومه الخريفي على الاتحاد السوفياتي، ومع نابليون بونابرت في الحرب الفرنسية ـ الروسية. فالجنرالان المذكوران تصدّيا لهم وأسقطاهما على رغم جيوشهما المتفوّقة.

الجنرال «ثلج» في بلادنا لا يتدخل إلا في أماكن محصورة نسبياً، وتحديداً على الجبال العالية ولفترة تمتدّ من أربعة إلى خمسة أشهر تقريباً على مدار السنة، تبدأ في منتصف تشرين الثاني حتى منتصف آذار، وفي حالات نادرة إلى منتصف نيسان. ومن النادر أيضاً ألا يأتي مع حاشيته وأركانه، البرد والصقيع، إلا في سنوات الجفاف الكلي.

يبدو أنّ التوقعات الفلكية هذه السنة تنذر بقدومه باكراً، ومترافقاً مع معارك عسكرية تمتدّ على طول سلسلة جبال لبنان الشرقية المرتفعة، من قمة جبل موسى إلى قمم جبل الشيخ. هذه المناطق المتنازع عليها عسكرياً أجبرت كل الأطراف أن تأخذ في الحسبان اقتراب شبح الجنرال القادم، مع ما يؤثر هذا القدوم في مجرى المعارك القائمة، وأماكن وجود القوى وحرية حركتها، إذا ما حط رحاله وأصبح أمراً واقعاً. وربما أخذ مكان قوات المراقبة الدولية لخط وقف إطلاق النار، وهو الأقدر منها على إجبار القوات المتنازعة، على التزام فاصل طبيعي غير مرسوم على خرائط الجيوش وفي أدراج الأمم المتحدة.

شهدت المنطقة الجنوبية المتاخمة لجبل الشيخ تسارعاً في وتيرة العمليات لتثبيت واقع جديد يكفل الجنرال ثلج استمراره حتى الربيع المقبل، وهي مرحلة كافية للاستعداد من جديد لتطوير إما الدفاع أو الهجوم بحسب النمط المتبع وخطة العمليات المرسومة. ولعلّ الحيّز الإعلامي الذي أخذته هذه المعارك على غير عادة المعارك السابقة في المنطقة نفسها ناتج من مسألتين أساسيتين:

أولاً: فرض أمر واقع على الأرض جديد يصمد بفعل الجنرال ثلج حتى أربعة أو خمسة أشهر يترافق مع حراك دولي يفضي إلى الدعوة إلى مؤتمر جنيف 3 يأخذ بعين الاعتبار هذا الواقع وأماكن تمركز القوى في المفاوضات المقبلة، ويعكس نسب السيطرة على الأرض وتمثيلها في المؤتمر وبالتالي ضمان وجودها في الحلول التي يطرحها المؤتمر بضمانات دولية وإقليمية.

ثانياً: إن هذه المعارك تأتي بعد إفصاح «إسرائيل» عن نياتها المبيّتة بإقامة منطقة عازلة في المنطقة الجنوبية، تمتدّ من جبل الشيخ إلى الحدود الأردنية، على شاكلة دولة سعد حداد البائدة. كانت الخدمات اللوجستية والاستعلامية وفي بعض المرات الدعم العسكري الذي قدمته «إسرائيل» إلى ما يُسمّى معارضة سورية، وتحديداً إلى «جبهة النصرة» المصنفة إرهابية على اللوائح الدولية، سبقت بزمن طويل إعلان نواياها. وفي المقابل، قدمت «جبهة النصرة» خدماتها في الاستطلاع والاستعلام وحتى تدمير ومحاولات تدمير بنى الدفاع الجوي للجيش السوري، وهو ما ظهر جلياً في الأماكن التي تستهدفها هذه الجبهة ويجرى التنسيق إما مباشرة أو عبر بعض الأطراف العربية المتورّطة في هذا الصراع.

فالجيش السوري الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من تأمين العاصمتين السياسية والاقتصادية، بدأ معركة إسقاط المشاريع المتوازية، من تقسيم ومناطق عازلة إنْ في الشمال السوري أو في الجنوب.

والجنرال ثلج من المؤكد سيساعد في اجتثاث معاقل الإرهاب على قمة جبل موسى، وربما نتائج المعارك التي تدور في الجنوب الآن ستظهر إلى أي جانب سينحاز على قمم جبل الشيخ.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024