إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

غزوة القرن للتجديد والتغيير

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2013-12-09

إقرأ ايضاً


هنيئاً للبنان واللبنانيين أصبح محط أنظار الغزاة. غزوة تحمل على أسنتها العلم وعلى أشفار سيوفها الحضارة وفي عقول مدبريها الأمن والأمان. غزوة بالتأكيد ستثبّت ركائز «المدنية» الجديدة وتنشر على سفوح جبالنا معالم «الترقي» وتقضي نهائياً على «الكفر» المتسلّح بالحق والخير والجمال.

طبعاً اولى مهماتها حرق اشجار الارز ونبش قبر جبران «النبي» تماماً كما فعلت بالمعرّي وسواه وايضا من مهماتها تصحير لبنان الاخضر و»شودرة» الاشرفية والحمرا والجميزة وفردان. وانتزاع «فسق» الاونيسكو ومسرح المدينة و»كتاتيب» التدريس ودور السينما وبيوت عروض الازياء ستقضي وبشكل تام على مقاهي الارصفة وحانات بيع الخمور ومعاملها. غزوة فيها من تقاليد ما قبل العصر الحديدي ما يجعلنا بحرصها وايمانها ونعم الايمان على مشارف الدخول الى العصر الحجري بامتياز.

هنيئاً للبنان بالإطلالة الميلاديّة المقبلة مزّيناً باللحى والدشاديش على شاشات التلفزة وخصوصاً تلك المروّجة «فليحكم الاخوان» والتعايش مع «الشيطان». هنيئاً للدولة بالعهد الوهابي الآتي من أعلى الهرم الى آخر مداميك المؤسسات.

ستتخلّص الدولة من بقايا وزاراتها القائمة وتحلّ مكانها وزارات «الجهاد» بدلاً من الدفاع ووزارة «النكاح» بدلاً من السياحة ووزارة «التعاطي مع الكفرة» بدلاً من الخارجية ووزارة العسس بدلاً من الداخلية ووزارة «الدعوة» للثقافة وهلم جرا على المنوال نفسه انها مرحلة «التجديد والتغيير».

هنيئاً للبنان الذي لم يقتنع ربما حتى هذه اللحظة بأن مجموعات القاعدة فكراً وممارسة قد عشّشت في مدنه وقراه ودساكره. ولم يسمع اهل الدولة بالآية الفستقية التي أنزلها عمر بكري «إن أقبحكم وأرذلكم عند النصرة أتقاكم». كأن الدولة لم تتابع طلائع الغزوة في صيدا وفي طرابلس وفي عرسال ومجدل عنجر ولم يتلق الجيش الوطني إلا الورود والرياحين من أتباع داعش والنصرة والقاعدة ومن كتائب «عبدالله عزام». واعتبرت انه يكفيها أنّ تمرّر في العرض العسكري بمناسبة عيد الاستقلال ثلة من جيوش الامم المتحدة مع قطعات الجيش لتؤكد الحماية الاجنبية. وتؤكد سياسة النأي بالنفس عبر التصريحات «المتوازنة» الى جانب من يدفع بالقاعدة الى لبنان.

كأن الدولة تطرب بالديماغوجيا الجعجعية والتركيبات السنيورية وتسكر على الشاي الفتفتي وتترنّح على الدواليب الجنبلاطية ولم يتناه الى اسماعها ان «براد» و»معلولا» والجامع الاموي في حلب والست زينب وتماثيل العلماء والمفكرين ودور العلم والجامعات اصبحت أطلالاً على ايدي هؤلاء الجماعات الآتية من عند الافغان والشيشان ومن سلك مسلكهم من العرب الأقحاح.

هنيئاً للدولة عندما يحلّ قائد محور على كرسي قائد سرية وحينما يصبح مدير أمني مديراً لعمليات جبهة!!. وهنيئاً لها عندما يصبح أمر عملياتها القتالي «بوس لحى» وقتالها اقتطاع مناطق بالتراضي. وقادتها يتسبحون في نفق المطار.

أيتها الدولة: وقد لا أنادي أحداً لأن الرجال الرجال قد هجروا مراكزهم والشعب اسلس قياده للمتزحفطين والمؤسسات اصبحت في خبر كان والضمير مغيّب من زمن الردة والاخلاق اصبحت زيّاً فضفاضاً يخفي تحته ما يخفي.

أيتها الدولة: نحن في عهدة المماليك.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024