إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

القلمون: أهمية استثنائية

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2013-10-21

إقرأ ايضاً


يسلّط الإعلام المحلي والدولي الضوء على معركة القلمون كتسمية رمزية لعمليات عسكرية تتعدّى النطاق الجغرافي للمنطقة التي تحمل ذات الاسم. لاعتبارات تحمل في طياتها تحوّلاً كبيراً في مجرى الحرب الدائرة على الأرض السورية. ولما لها من خصائص جغرافية وتكتية ولوجستية وحتى اقتصادية تساعد على إرساء واقع مختلف عما هي عليه الأحوال في الوقت الحالي .

من الناحية الجغرافية هي معركة ستمتدّ رحاها من الجولان حتى القصير ضمناً وتالياً ستأخذ أبعاداً تفوق أبعاد معركة القصير. فهي من جهة ستقوم على تجفيف منابع الدفق اللوجستي والبشري للجماعات المسلحة من الكيان اللبناني ذات التمويل والرعاية السعودية. ومن جهة أخرى ستكون استكمالاً للسيطرة على المنطقة الوسطى من البلاد وقطع طرق الاتصال والمواصلات الغربية بشكل نهائي بين القوى في الجنوب وقوى الشمال لحصرها في مناطق محدّدة تمهيداً للإجهاز عليها نهائياً.

إنّ إحكام القبضة على سلسلة جبال لبنان الشرقية يعطي الجيش السوري ميزة تأمين العاصمة ضدّ هجمات أو التحضير لهجمات غير متوقعة على المركز السياسي الأول واستطراداً منعه من تحقيق إنجازات لهذا الخصم حتى ولو كانت إعلامية فقط.

من الناحية التكتية أيضاً إنّ معركة القلمون تعني القضاء على ما يُسمّى لواء الإسلام وهو أكبر التشكيلات من حيث العديد والأكثر تنظيماً والأكثر تجهيزاً لارتباطه المباشر بدوائر القرار السعودية. وهو اللواء الذي ارتبط اسمه بمعارك دمشق سابقاً كما أوكِلت إليه مهمة الاغتيالات وقصف الأحياء الداخلية للعاصمة. فالقضاء على هذا اللواء يعني القضاء على أهمّ القوى الموجودة على الأرض بحيث ستتتالى الانهيارات في صفوف القوى الأصغر حجماً والأقل فعالية من حيث التأثير بالتهديد.

ترتبط معركة القلمون بعاملين ضاغطين لجهة التوقيت. أولاً: قرب فصل الشتاء الذي سيكون قارساً كما يبدو هذه السنة والضرورة تقضي الانتهاء من المعركة قبل تساقط الثلوج على المرتفعات التي تقيّد المناورات وحرية الحركة في هذه المنطقة الجبلية.

ثانياً: العامل السياسي المتمثل بقرب انعقاد مؤتمر «جنيف ـ 2» المقرّر عقده خلال شهر تشرين الثاني المقبل وعليه فإن من يحمل الأوراق العسكرية الرابحة هو من يستطيع التحكم بمسار طاولة المفاوضات.

انّ معركة القلمون ستكون بهذا المعنى فاصلة على أكثر من مستوى ومن المؤكد انّ القيادة السورية قد اعتدّت لها عديداً وتجهيزات وخططاً ابتغاء كسبها بأسرع وقت ممكن رغم أنها ليست بالمعركة السهلة إذ يُقدّر أن تتجاوز قساوتها معركة القصير ومفاعليها المحلية والدولية إعلامياً وسياسياً.

لا ريب في أن يكون ارتداد هذه المعركة كبيراً على لبنان الذي ينأى بنفسه إعلامياً عن الحرب الدائرة في سورية نأيَ النعامة التي تدفن رأسها في الرمال عند ظهور الخطر. ولسوف تستفيق هذه الدولة من سُباتها وهي أمام مشكلات وربما أخطار لا طاقة لها على معالجة اي منها. فبالإضافة الى معضلة النازحين التي فاقت قدرة الدولة واقعياً على التعاطي معها ستواجه مسألة انسحاب العصابات المسلحة وبأعداد كثيفة الى الداخل مع ما تحمله هذه العصابات من أفكار وطموحات ورؤى واسلحة ومعدات وربما عادات قتل وتهجير ونهب وسلب وتدمير. ولتتفاجأ من ثم انّ التعامل مع هذه العصابات المجمّعة من كل أنحاء الارض لا يمكن ان يتمّ بالاسلوب المتبع نفسه مع القوى المحلية مع تحفظنا الشديد أصلاً على أسلوبها السابق ذاك. إذ ان داعش التي أعلنت لبنان منطقة جهاد ستتصرّف بالتأكيد مع الدولة اللبنانية بأجهزتها كافة على أنها «دولة كافرة» ما يعني أن معركتها على الأرض اللبنانية ستكون استكمالاً لما بدأته في العراق وسورية طبعاً تحت التغطية السياسية السعودية وفي نطاق البيئة الحاضنة التي لم تحرّك الدولة اللبنانية ساكناً تجاهها. باستثناء حالة الأسير المدعوم قطرياً والذي انتهى بانتهاء الدور القطري.

أيتها الدولة أيها الشعب وصلنا الى المأزق ما العمل؟


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024