إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

"إعدادية الحكمة" في بلدة "رويسة البساتنة" (اللاذقية)

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2015-04-02

إقرأ ايضاً


الأمين فايز شهرستان(1) هو الذي دلنا على أن الحزب كان أسس مدرسة في بلدة "رويسة البساتنة" (اللاذقية)، فتابعنا ذلك للوصول إلى إعداد نبذة تعرّف على المدرسة المذكورة، في سياق ما نقوم به من تعريف على المدارس التي كان أسسها الحزب في الكيان الشامي في أوائل خمسينات القرن الماضي.

عنها، نعرض ما يلي:

يفيد الرفيق جهاد جديد في الصفحة 202 من مؤلفه "جنوح الأشرعة"(2)

" حين زرت لأول مرة "إعدادية الحكمة" في "رويسة البساتنة" التي أوعز الحزب بإنشائها وجعل ترخيصها باسم الرفيق رفعت خير بك، لقيتُ هناك أستاذين قدما من لبنان للتدريس فيها. ما زلت أذكر اسم أحدهما: رؤوف الأحمدية. بُهرْتُ حينذاك بهذين الرفيقين اللذين ألغيا الأطياف المضللة، وهزما الموروثات الطائفية وسخرا من الحدود التي فرضها المستعمر ليضعا قدراتهما وخبراتهما كلها تحت تصرف مدير المديرية الرفيق ابراهيم جديد الذي كان، بحق، من أكثر الرفقاء فاعلية وتأثيراً ومن أقدرهم على حمل الرسالة والتفرغ لها. كان بمرونته وكياسته وخفة ظله يعالج الأمور الطارئة، أو المشكلات العارضة معالجة لطيفة ومرضية"

وفي مكان آخر (الصفحة 266) يورد الرفيق جديد التالي:

" كثرت زياراتي إلى "مدرسة الحكمة" في "رويسة البساتنة" بعد محنتنا عقب اغتيال العقيد المالكي، وكنت آنذاك، أتوهم أنني بتلك الزيارات المتكررة أدعم مدرستنا.

" خلال الفصل الأول من العام الدراسي 1956 – 1957 قصدتها للإطلاع على انطلاقتها، ولقيت فيها مدرّس الرياضيات الرفيق أنور جديد(3) ومدرس اللغة الإنكليزية الرفيق محمد عبد الوهاب(4) وأسعدني جداً أن أراهما يترجما القناعات إلى عطاء ميداني منتج "

*

من جهته يورد الرفيق جميل مخلوف(5) في الصفحة 103 من مؤلفه "محطات قومية" ما يلي:

" أنشأ الحزب مدرسة خاصة في قرية "رويسة البساتنة" الواقعة غربي مدينة القرداحة على الطريق الموصلة لتلك المدينة. وكان في تلك القرية رفقاء ممن يعوّل عليهم للإسهام في العمل القومي، ومَن بلغت سويّتهم درجة عالية لجعل قضية الحزب يتبناها جميع أهالي تلك القرية، إنها قرية سورية قومية اجتماعية بكل ما لهذه الكلمة من معنى، ويضيف:

" وُجدت مدرسة خاصة(6) في قرية (كلماخو) القريبة من وجود إعدادية الحكمة. أظهرت "الحكمة" تفوّقاً على المدرسة الأخرى الموجودة في (كلماخو) فكان لا بدّ لصاحب تلك المدرسة من أن يدافع عن وجودها، اذ لم تكن معركة التفوق متكافئة بين المدرستين لوجود جهاز تعليمي متفوق في "الحكمة" مؤلف من فريق من المدرّسين القوميين من الشام أو من لبنان، مما جعله يلجأ لنائب عن المنطقة في البرلمان الشامي، من اجل اغلاق مدرسة "الحكمة". الأمر الذي تمّ، فأُغلقت المدرسة بأمر من وزارة التربية.

في الصفحات التالية يروي الرفيق مخلوف كيف توجه إلى دمشق، والخطوات التي توبِعت وصولاً إلى إعادة فتح الإعدادية: " لقد توجّهتُ إلى قرية رويسة البساتنة (ص107) وعند وصولي إليها وإبرازي أمر فتح المدرسة، اجتمع أهل القرية وقابلوا ذلك بالزغاريد"

" افتتحت المدرسة أبوابها، واستؤنفت الدراسة فيها، ورجع الرفقاء المدرّسون لمزاولة أعمالهم إلى حين أُغلقت مجدداً إثر الحملة التي تعرّض لها الحزب بعد فترة من اغتيال العقيد عدنان المالكي، كما أُغلقت المدارس الأخرى التي كان الحزب قد أنشأها(7).

*

كلماخو

انتشر الحزب في بلدة كلماخو كما في بلدات مجاورة، وفيها تمّ افتتاح مكتب للحزب. عنه يروي الرفيق جهاد جديد في الصفحة 187 من "جنوح الأشرعة" فيقول:

" عقب انتهاء الامتحانات العامة، نهاية حزيران من عام 1952، وقبيل ظهور نتائج الشهادات، دُعينا إلى اجتماع حزبيٍّ في مكان يقع شرقي قرية كلماخو، على منعطف موازٍ للطريق الرئيسية، وحددوا لنا زمن الاجتماع يوم الخميس الساعة التاسعة ليلاً.

توافد المدعوّون ووصل الأكثرون قبل الموعد. كنتُ الأصغر بين الحاضرين فشعرت بالزهو وزاد من غبطتي ذاك اللقاء الجميل الذي جمعني تحت ضوء القمر مع عدد كبير من المعلمين والطلاب وبعض الفلاحين، وفوجئتُ ببعض الرّفقاء الذين كنت أظنهم في الموقع المغاير، فبالغت في تقديرهم والتقرب منهم.

بدأ الاجتماع على النحو المألوف بالتحية والهتاف وردّدنا "نحن أبناء الحياة.. أن الحياة لنا.. وأنّنا نحيا لسوريا وقائدها سعاده".

وبعد أن يروي وقائع هذا الاجتماع، يقول في الصفحة 188:

" صباح يوم السبت توجّهت مع رفيقنا الأستاذ توفيق والرفيقين سهيل وعادل وأخي منير إلى المنزل المستأجَر. وشرعنا على الفور نعمل لإعداده. بدأنا بصبغ الجدران والسقف، وأصلحنا قفل الباب الرئيسي، ونزعنا باب الخشب الفاصل بين الغرفتين، وأحضرنا الكراسي من منازل الرفقاء، وتطوّع أحدهم بتركيب بعض الرفوف الخشبية فصارت مكتبة لم تلبث أن امتلأت بالكتب والمجلّدات والنشرات الحزبية التي كانت مكدّسةً في مكتبة منزلنا. وقبيل نهاية الأسبوع صار مقرّنا مجهّزاً بخمسة عشر كرسياً وطاولتين وشمعدانين وبعض اللوازم البسيطة. ولكي يُعطى المكان ما يستحق من الدعاية ولفت الانتباه، تطوّع أحد الرفقاء المتقنين لفنّ الخط، فكتب بتأنٍّ، على لوحة خشبية مدهونة بالأبيض "مكتب الحزب السوري القومي الاجتماعي"، ثم بذلنا جهداً كبيراً في تلوينها وتجميلها، وتعاونا على تثبيتها في مكان يراه العابرون. بادر أخي منير إلى إحضار صورة الزعيم التي كانت تتصدّر واجهة منزلنا فعلّقها في صدر المكتب.. وحين عُدتُ مساءً إلى البيت وجدت بعض الأهل قد علّقوا صورةً أكبر بإطارٍ أجمل في المكان الأفضل.. وخطر لي أنّ والدي كان محتجاً وراضياً في الوقت نفسه.. لأنه يحبنا نحن القوميين، لكنّه يخشى أن تقود هذه الحماسة الزائدة أولاده وتدفعهم للخروج على القانون.

كنتُ سعيداً جداً بهذا المكتب.. أناوب فيه كل يوم مع بعض الرفقاء، خلال الفترة الصباحية، ويداوم غيرنا في الفترة المسائية، وصار بعد فترة قصيرة يغصّ بالزائرين من الرفقاء والأصدقاء الذين كانوا يتوافدون من كافة القرى المجاورة للاطلاع والتعرّف على أول مكتبٍ حزبيٍّ يُفتتح في الناحية كلها ".

*

وكمَثل على الحضور الحزبي المتقدم الذي شهدته مناطق الشام، ننقل ما أورده الرفيق جهاد جديد في البند 411 من الصفحة 238 من مؤلفه "جنوح الاشرعة":

" جاء وليد نجاري من جسر الشغور، وأتيتُ من كلماخو، التقينا في مديرية الطلاب باللاذقية. مذ عرفته، كان رفيقاً مؤمناً صلباً، وكان لطيفاً رضياً، يحاور بعينيه اللًتين تُشعّان حبّاً وبراءة، ويحاور بابتسامته الندية التي تُحرج المتطرف، وتخفف من حماقة المكابر.. ويحاور بلغته الحاملة قيم العقيدة ومفردات الزعيم التي تتصدّر معجم هذا الطالب المتمرّد على نواميس اسرته "الإقطاعية". فرّقتنا، بعد حين، مقتضيات العمل، وبقينا نلتقي تحت ظلال العقيدة. وفي الجزائر كان اللقاء الأطول. زارني حيث كنت أدرّس في "البليدة"(8) .

هذا هو بأريحيته، وعفويته، ونبله والتزامه. طال انشغالنا باللقاء، وأهملنا من حولنا. ثمّ قدّم، بعد برهة، السيدة عقيلته، وصديقه الدكتور فوزي هنانو. أسعدتنا جداً تلك الزيارة، غمرنا جميعاً فرح مفاجئ ومدهش. وانتشرت في أجواء منزلنا الصغير أنسام المحبة المعطرة بعبق الماضي. وخلال وقت قصير جداً، كانت سيدتا هذا اللقاء تنفردان وتتبادلان الحديث عنا، كلينا. عن تعاقدنا، وصداقتنا، وأزماننا، وطموحاتنا، وعن الاغتراب. في تلك الفترة كان وليد يقدّم لي صديقه الأكاديمي المتقاعد: هو ابن عم الزعيم ابراهيم هنانو، وزوج أخته. جاهد، وكافح، وتثقّف، وعمل في ميادين أكاديمية، ودبلوماسية. وهو اليوم في طريقه إلى العمل أستاذاً في جامعة الجزائر، ثمّ واثقاً ومن غير استشارة أو حرج قال: سيبقى الدكتور معكم، ريثما يُعطى منزلاً في العاصمة. وسوف نزوركم بين حينٍ وآخر.

رحبنا بفرح، وأكملنا أحاديثنا الجادة والناقدة. بعد الغداء، عاد وليد وعقيلته إلى "دلس" المدينة التي يعملان فيها، وبقي معنا ضيفه الشيخ الذي كان ذا جسم ضئيل، وذهن متوقّد، وبديهة يقظة. كان ظلّه خفيفاً، وحديثه حلواً. أسرنا بتهذيبه الجم وعلمه الموسوعي الغزير، وكان في الأمسيات يزوّدنا بالمعارف مستمدّةً من قراءاته وتجاربه، ويمرر في تضاعيفها، بخفةٍ وظرف، بعض الطرائف الممتعة، والحكايات المسلية، التي تحملُ قدراً مهمّاً من العبر.

هوامش

(1) كان طبيب أسنان معروفاً في دمشق، قبل أن يتوقف عن مزاولة المهنة لتقدمه بالعمر. تولى مسؤوليات مركزية منها عميد داخلية، وانتخب لعضوية المجلس الأعلى.

(2) صدر عن "دار الفرات للنشر والتوزيع" عام 2013.

(3) محامٍ، مُنِح رتبة الأمانة، وتولى مسؤوليات حزبية محلية. عضواً في المكتب السياسي لعدة مرات. انتخب رئيساً للمحكمة الحزبية سنة 1995. يعرف عنه الرفيق جهاد جديد في البند 443 (الصفحة 264) من "جنوح الأشرعة" التالي: من "متن النواصرة" الواقعة شرقي القرداحة جاء أنور جديد للدراسة في اللاذقية.

كان، مذ عرفته يحمل في وجدانه وعلى لسانه مبادئ حزبنا التي طبعت شخصيته وامتدت إلى ملامحه وخلاياه ثم حكمت سلوكه كله عبر مسيرته الطويلة، موظفاً كفؤاً ونزيهاً في مواقع هامة ودقيقة، وعبر مسيرته الحزبية التي ظل خلالها حاملاً لقيم الرسالة التي وهبها عمره فارتفعت به إلى مكانة عالية في قلوب رفقائه وأصدقائه.

(4) يورد الرفيق جهاد جديد عنه التعريف التالي في البند 444 (الصفحة 264) من مؤلفه المشار إليه آنفاً.

"جاء محمد عبد الوهاب من إحدى قرى "التركمان" الواقعة شمالي مدينة اللاذقية، على مقربة من لواء إسكندرون، ليدرس في "التجهيز". جذبته النشاطات الوطنية فاطلع على مبادئ الأحزاب ورأى أن الحزب السوري القومي الاجتماعي، هو وحده، الحزب الذي حسم موضوع السلالات والأقليات على اساس علمي صحيح فساوى مساواة تامة بين سائر مكوّنات المتحد السوري. ورأى أن مبادئ الحزب كلها تلبي طموحات الأمة فانتمى إليه. وصار مذ كان طالباً، وحتى هذا اليوم من القوميين النشطين.

(5) كان مُنح رتبة الأمانة متولياً مسؤوليات محلية منها منفذ عام. انتقل إلى لبنان بعد أحداث المالكي، فتولى مسؤوليات مركزية ثم عاد إلى الشام بعد الثورة الإنقلابية في لبنان، مستقراً فيها إلى أن وافته المنية.

(6) يفيد الرفيق د. فؤاد معلولي وكان تولى مسؤولية العمل الحزبي في الجزائر أنه كان على معرفة جيدة بالرفيق المدرّس جهاد جديد مُثنياً على إيمانه والتزامه ومناقبيته. كان يدرّس في مدينة بليدة، وفيها كان الرفيق هاني الهاني من "رأس المتن" يتابع دراسته في الهندسة..

(7) شرحنا في نبذات سابقة عن عدد من تلك المدارس، ونعمل على إعداد نبذات عن المدارس الأخرى. للإطلاع الدخول إلى أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(8) هي إعدادية الشيخ سليمان الأحمد.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024