إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عفيف خوري الرفيق الذي جسّد سعاده في كل تصرفاته

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2015-11-11

إقرأ ايضاً


أول ما سمعت عنه كان في ستينات القرن الماضي. كان يُحكى عن المدرّس – الناظر)1) - الرفيق المثالي سلوكيةً وتعاطياً.

مضت سنوات، والرفيق عفيف خوري حيّ في ذاكرتي دون أن أعرفه شخصياً.

وانتمى ابنه "نداء" الى الحزب في اواخر السبعينات في وقت واحد مع مجموعة من رفقاء ورفيقات، أذكر منهم مخايل سماحة، تموز قنيزح، رستم مجاعص، استير خنيصر، لينا خنيصر، سمير عطالله (الامين حالياً)، نجيب قربان، دافيد ديب، وآمل الا أكون نسيت أحداً منهم.

ورأيت الرفيق عفيف في ابنه "نداء"، سلوكية ومناقب.

ومضت سنوات أخرى.

عندما رحتُ اتردد الى ضهور الشوير، حيث كان يصطاف الامين نواف حردان بعد عودته من المهجر البرازيلي، علمت أن الرفيق عفيف مقيم فيها، وسمعت عنه من الأهالي الكثير مما يُفرح.

قيل لي أنه يقطع المسافات البعيدة سيراً على الأقدام منذ ساعات الفجر الأولى، يصعد الدرجات المئة، وأكثر، من منزله المطلّ على الشوير وعين السنديانة والخنشارة وصنين، الى الطريق في ضهور الشوير، كلما رغب التوجه الى الساحة أو الى أي مكان في الضهور.

وزرته ذات يوم، وجدت أن ما كانوا يقولون عنه، هو أقلّ، اذ نادراً ما تجد انساناً في صفائه، وأخلاقه وترفّعه وسموّه ومناقبه.

من كل مسامه، تطفح المحبة والابتسامة والبشاشة، ومعها حزم وحس نظامي وثقافة عقائدية، وانسان قرأ سعاده جيداً، وجيداً راح يجسّده في كل شيء.

منذ ذلك الحين اتردد الى الرفيق عفيف كلما مكنتني ظروفي، سارقاً من وقت انصرافي شبه الكامل لموضوع تاريخ الحزب.

مع كل زيارة يكبر الرفيق عفيف. يتعملق. ويبدو لي مارداً بكل سموّه المناقبي.

كل كلمة لديه تنبع من سعاده. كل تصرّف، فيه من عطر النهضة. كل ملاحظة أو التفاتة أو رأي، لا تخرج إلا من صدر مليء بسعاده وبمفاهيم الحزب.

علمت من العميد الأمين جورج ضاهر انه يزوره من حين الى آخر مع رفقاء من كفرحزير، ليس فقط لواجب الاطمئنان، انما أيضاً لتسجيل ما يعرف، وهو كثير، عن تاريخ الحزب في كفرحزير، وهو كان خسر شقيقه المحامي فائز شهيداً، وأشقاءه الآخرين، واحداً بعد الآخر، وكلهم رفقاء.

ودائماً كان الأمين جورج يشاطرني اعجابي وحبي وتقديري للرفيق عفيف.

*

اخبرني الامين جورج ان الرفيق عفيف شهق بالبكاء في لقائه معه بتاريخ 11/05/2014 عندما كان يروي له عن شعوره عندما رأى سعاده، في المرة الاولى، عند زيارته كفرحزير. يقول ان سيارة الزعيم، وكانت مكشوفة، توقفت، قرب مقهى لسليم معوض (مقابل معصرة الزيتون لصاحبها رجا زخريا)، نزل سعاده من السيارة فأخذ له القوميون الاجتماعيون التحية الحزبية وكانوا اصطفّوا الى جانبيّ الطريق امام المقهى، انتقل سعاده الى الطابق العلوي من البناء المؤلف من طابقين "عقد".

بعد الاستقبال القى الزعيم كلمة جميلة مقتضبة انما لا يتذكر الرفيق عفيف مضمونها. كان من بين الرفقاء والمواطنين المستقبلين وقد وضعوا شارة الزوبعة على سواعدهم، منهم، على ما يذكر: اسكندر معوض، يعقوب ساسين، عزيز عودة. استمرت الزيارة ما يزيد على نصف الساعة. يضيف انه، قبيل مغادرة الزعيم للقرية، وقع دولاب السيارة التي أقلّـته، في عبّارة مفتوحة بالقرب من ساحة البلدة، فقام اهل القرية والقوميون المحتشدون بحمل السيارة واخراجها من العبارة.

*

اليوم وقد قارب الرفيق عفيف التسعين من عمر مليء بالنضال والتفاني، الحزبي والتربوي، اقول له:

كنتَ قومياً رائعاً يا رفيق عفيف، واستمريتَ، أكثر.

لك يحلو أن أقف واؤدي التحية وأغمرك بكل الحب الذي اشعر به نحوك.

ولك تحلو الأوسمة وحفلات التكريم. جميل أن يعترف لك أهلك في كفرحزير، وفي ضهور الشوير ورفقاؤك ألكثر في كل منهما، بما كنتَ فيه من سمو.

جميل أن يشعر الآلاف ممن تتلمذوا على يديك، بالوفاء لك، وقد عرفوك مربياً وناظراً وانساناً لم يكن يبغي سوى أن يرتفع تلاميذه نحو الأكمل والأفضل، فكان حازماً بعدل، صارماً بمحبة، ورفيقاً لكل منهم رغم فارق السن.

هي دعوة صادقة لكل من عرف الرفيق الرائع عفيف خوري. صحيح أن تاريخه الحزبي الناصع، وتاريخه المثالي في المدارس التي عمل فيها، بدءاً من مدرسة النظام الجديد في بلدة السودا (طرطوس) وصولاً الى مدرسة الشويفات، وساماً كبيراً يبقى في ذاكرة كل من عرفه، انما التكريم واجب تجاه من كان وفياً لمعتقده، باراً بالقسم، وشاهقاً في كل تصرفاته.

(1) الى توليه مسؤوليات محلية، فان الرفيق عفيف تعيّن وكيلاً لعميد الاقتصاد (الامين عبد القادر تحوف) في فترة رئاسة الامين د. عبد الله سعاده عام 1960، وبقي في المسؤولية حتى قبيل الثورة الانقلابية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024