إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حقيقة يجب أن تقال: سورية ولبنان والأمّة أوّلاً

علي البقاعي - البناء

نسخة للطباعة 2012-04-20

إقرأ ايضاً


منذ بدء الأزمة في سورية قبل سنة ونيف وفريق 14 آذار أو ما سمّي لمدة أسبوع واحد بـ«لبنان أولاً» يمنّي النفس بنهاية نظام الرئيس بشار الأسد في سورية.

لم يبق محلّل او متحدث أو جهبذ في التحليل السياسي، حتى إذاعاتهم وتلفزيوناتهم وقراء النشرات الإخبارية وكتبة الصحف ومحررو الشؤون الرياضية والاقتصادية والأحوال الجوية والكلمات المتقاطعة، إلاّ وأدلى بدلوه في مصير سورية ونظامها، يؤيّده في التحليل والتأكيد والاستنتاج مسؤولو المناطق والوحدات الصغيرة والأفراد المنتمون بمعاش أو من دون معاش وأصدقاؤهم إلى الأركيلة وبعض الخطباء المتخرّجون حديثاً من رجال الدين «المرتزقين» على أبواب الحكومات و«المستقبل» يفتون ويقسمون أنهم متأكدون من أن النظام في سورية سيسقط الليلة قبل الغد وأنه يعيش ساعاته الأخيرة وأن أركان النظام يفتشون عن مكان لهم تحت الشمس، ودليلهم على ذلك ما تقوله قنوات «المستقبل» و«العربية» و«الجزيرة» والمحطات الفرنسية و«إم تي في» و«بي بي سي» وإذاعة «صوت لبنان» وإذاعة «الشرق» وإذاعة «مونت كارلو» وأقل ما يمكن وصفها بأنها فقدت صفتها المهنية الإعلامية وأضحت قنوات ومحطات يمكن إطلاق مسميات جديدة عليها مثل التحريض والتضليل والفبركة والكذب والفتنة والتدليس والتأليف والتركيب.

لم يعتقد أبناء «لبنان أولاً» للحظة واحدة أنهم كانوا واهمين. كانوا واثقين تمام الثقة من أن أيام النظام باتت معدودة. سمعنا هذه المقولة في نيسان 2011 ثم في حزيران وتموز وتشرين من السنة نفسها، وعدنا نسمعها مؤكدة بألف يمين ويمين مع بداية العام الجديد وفي شباط وآذار ونيسان، وهها نحن نسمعها هذه الأيام ضمن كلماتهم في مجلس النواب.

لكن ليطمئنوا، الكثير من الأشهر الآذارية والنيسانية ستأتي وستكون طويلة جداً عليهم، وسيمر «الربيع العربي» الموعود، الممزوج بالحقد القطري ـ السعودي والتركي و«الإسرائيلي» ـ الأميركي إلى غير رجعة، وسيأتي بعد الشتاء الموعود المجبول بدماء الشهداء المدافعين عن عزة سورية وكرامتها، وسيأتي الربيع محملاً بالخير والسلام في سورية وستزهر الأرض شقائق نعمان وتنطلق الحياة مرة أخرى، وعندئذٍ سيكون ربيع سورية الحقيقي بقرارات نابعة من الصميم السوري تحمل شعارات ورايات سورية مرفوعة بأياد سورية. ستكون سورية قد انتصرت على المؤامرة، لأن «سورية الله حاميها».

سورية الله حاميها لأن في نفوس شعبها كل الحق وكل الخير وكل الجمال. سورية الله حاميها بالمعرفة التي هي قوة المجتمع. سورية الله حاميها بالثقافة القومية الحقيقية في مساجدها وكنائسها ومدارسها وجامعاتها وبيوتها، هذه الثقافة التي ساهمت في إنقاذ سورية من الوقوع في شر الحرب الأهلية التي كان جماعة «لبنان أولاً» وأربابهم من عرب الخليج والدول الغربية يخططون لها.

سورية الله حاميها بوجود جيش عقائدي يؤمن بالوطن والأمة ويؤمن بأن العدو الأوحد والأول هو «إسرائيل»، كما أثبت أنه يمثل حقاً التسمية التي تطلق عليه: «حماة الديار». جيش لا يرى إلا مصلحة الوطن ووحدة الوطن وسلامة المواطنين وحمايتهم، جيش يعي معنى المؤامرة على بلده. جيش كان الرد والسد المنيع في وجه المؤامرة وهزيمتها ودحر الذين افتعلوها والذين مولوها والذين زكوها والذين سوقوها في وسائل إعلامهم وحرضوا السوريين ضد وطنهم واستعانوا بحفنة قليلة من «المتأسلمين» على المذهب الأميركي ـ «الإسرائيلي» للقيام بأعمال إرهابية وجرائم حاقدة ضد الشعب السوري وضد المؤسسات الحكومية والخاصة في سورية.

فريق «لبنان أولاً»، المهزوم دائماً حتى في فترة اعتبر نفسه فيها منتصراً تحت شعار ثورة الأرز، لا يعرف من الكلام إلا الإهانات والسباب والشتائم ضد سورية. فكلما مرض أحدهم أو اختلف مع زوجته أو شريكه في الحزب أو جاره الدكنجي أو أراد الظهور في التلفزيون اتهم سورية، وكلما أراد الظهور بمظهر البطل العنيد والمغوار المستهدف وأنه هو وحده اللبناني ويتهم الآخرين بالعمالة يتهم سورية، مرة بالاغتيال أو بمحاولة الاغتيال أو التفكير في الاغتيال أو الإيحاء بالاغتيال، ومرة بالخطف، ومرة بالفتنة، رغم معرفتهم الكاملة ويقينهم من أن سورية منشغلة عنهم هذه الأيام بما هو أهم وأعظم، وأنها لا تراهم لأنها في صراع مصيري مع من يموّلهم ويوجههم ويكتب لهم بياناتهم الصحافية وخطبهم ونشرات أخبارهم ومقابلاتهم ويرسم لهم خرائط تنقلاتهم ويشتري لهم تذاكر سفرهم وسياحتهم للتزلج في جبال الألب وطبابتهم وحتى بدل «لحم» دواليب سياراتهم.

سورية في صراع مع حلفائهم في مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس حقوق الإنسان والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي و«إسرائيل» وتركيا وقطر والسعودية حيث يشهد العالم على إنجازاتها الدبلوماسية في وجه المؤامرات التي تحاك ضدها على الصعيد الأممي.

سورية هذه الأيام منشغلة عنهم بالرد على المؤامرة اليعربية التي يقودها الحمدين القطريين والفيصل ويعاونهما «الأمين» الذي ما كان يجب أن يؤتمن على جامعة الدول العربية، نبيل العربي، إذ أثبتت الأيام أنه ليس نبيلاً ولا يمتلك من العروبة إلا الإسم.

سورية ورئيسها هذه الأيام في حالة صراع غير مسبوقة في تاريخ الحروب، هي حالة صراع إعلامي وسياسي ودبلوماسي واقتصادي ضد خصوم يفتقرون إلى أدنى درجات الأخلاق والصدقية ويعتمدون الكذب التضليل والتحريض والتدليس وشهود الزور وسيلة للحرب.

سورية هذه الأيام منهمكة بتضميد الجراح في بعض مدنها وقراها وأريافها التي طالها حقد وإرهاب حلفاء جماعة «لبنان أولاً» فتواسي من فقدوا أبناءهم وتساعد في إعادة بناء ما تهدم ومن فقد معيله أو عمله.

سورية هذه الأيام، ورغم كل ما تقدم، ما زالت تحافظ على قوتها العسكرية المرابضة على حدودها مع الدولة العدوة «إسرائيل» وما زالت طائراتها وصواريخها ودباباتها وجنودها البواسل متمترسين على حدود الجولان في انتظار اليوم الموعود، وما زالت على التزامها بدعم المقاومة في لبنان وفلسطين.

سورية هذه الأيام منشغلة عنكم يا أبناء «لبنان أولاً» بوضع دستور وقوانين جديدة تلبي مطالب شعبها، تمهيداً لمنهج حياة جديدة، سورية منشغلة في وضع سبل جديدة لتطوير مناهج التعليم لأبنائها في الجامعات والمعاهد والمدارس وبناء المستشفيات وإنشاء الطرقات.

سورية منشغلة عنكم يا أبناء «لبنان أولاً» في معركة المصير القومي، معركة سورية ولبنان والأمة أولاً. منشغلة في حرب مقدسة ضد مؤامرة شبه كونية تستهدف آخر قلاع العروبة الحقيقية لا الوهمية.

أما آن الآوان لأن تدركوا أن مؤامرة حلفائكم مكتوب لها الهزيمة، وأن تدركوا معنى الكلمات التي أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد في 30 آذار 2011 مع بدء المؤامرة على سورية يوم قال: «إن من ينتمي إلى الشعب السوري دائماً رأسه مرفوع»، مضيفاً: «نحن نقر لهم بذكائهم في اختيار الأساليب المتطورة جداً في ما فعلوه، ولكننا نقر لهم بغبائهم للاختيار الخاطئ للوطن والشعب».

فهل آن الأوان لمجموعة «لبنان أولاً» للعودة إلى الواقع والتخلي عن النتائج الافتراضية وإدراك ما يشغل سورية حالياً أكبر بكثير كثير من واقعهم، وأنه باختصار وبالعامية اللبنانية الدارجة «الشام مش فاضيتلكم».


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024