إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قوى الجهل تحاكم أبا العلاء المعري

علي البقاعي - البناء

نسخة للطباعة 2013-03-01

إقرأ ايضاً


قبل عدة أيام أقدم عدد من الجهلة المنتمين إلى إحدى منظمات التخلف المتسترة بإسم دين الإسلام بتنفيذ حكم الإعدام بتمثال يجسد الشاعر والفيلسوف السوري أبي العلاء المعري، المولود في معرة النعمان في محافظة حلب، قبل أكثر من 1000 سنة.

إستل الجهلة الجبناء سيوفهم التي توارثوها من عصور الجاهلية وحملوا ما يمكن حمله من آلات التدمير والقتل والتفجير الحديثة التي صنعت في أميركا وأوروبا ودُفع ثمنها نقداً من أموال النفط والغاز العربيين، يعاونهم في جرائمهم خليفة عثماني يلبس ربطة عنق عصرية ويؤمّن لهم التغطية مؤتمن كاذب على جامعة الدول العربية. هاجموا تمثال أبو العلاء، أحد أكبر العباقرة في التاريخ القديم والحديث، مقسمين اليمين ألاّ يرجعوا إلى ديارهم التي أتوا منها في أفغانستان وباكستان وليبيا والبوسنة واليمن وتونس وألبانيا وتشاد، تعاونهم وتصوّت لهم في مجلس الجامعة العربية دول لا وجود فعلي لها كالصومال ودجيبوتي وجزر القمر وموريتانيا، إلاّ يوم الاجتماع، للتصويت على قرارات ضرب دولة عربية أوعزلها كما حدث في العراق والآن في سورية.

إرهابيون قتلة أقسموا اليمين قبل بدء رحلتهم للقاء الحوريات اللواتي وعدوا بها أن يعيدوا إلى العروبة وهجها في سورية عن طريق تدمير كل ما يرمز إلى حضارة الحق والخير والجمال، ومحو ثقافة موجودة منذ ما قبل التاريخ الجلّي، كونها ليست في الكتب التي يدرسونها في مناهج القتل التي تديرها جبهة النصرة والقاعدة وتوابعهما، والتي لا تعرف إلاّ فلسفة الغزو والسحل والذبح والإعدام والحرق والسبي والغدر، البعيدة كل البعد عن جوهر الإسلام الحقيقي الذي يدعو إلى السلم والمحبة والإخاء والتسامح ويُحرّم كل ما يسيء إلى الإنسان والحيوان بل يحرّم حتى قطع الأشجار. هؤلاء جميعهم تضامنوا مجتمعين على تمثال أبي العلاء في معرة النعمان، وأجهزوا بضربة رجل واحدة على التمثال، مهللين مكبرين، فخورين بما فعلوا إذ عاقبوا الرجل على عقله الخلاّق بفصل رأسه عن جسده.

لم يشفع لأبي العلاء نبوغه وعبقريته وعشرات الكتب التي وضعها في خدمة المجتمع الذي عاش فيه وهو فاقد للبصر، هادفاً إلى تنوير عقول عقول هؤلاء القتلة عبر العلم والمعرفة والإدراك. صحيح أن أبا العلاء أعمى وفاقد لبصره، لكن الذين قطعوا رأس التمثال من المؤكد أنهم فاقدو البصيرة رغم أنهم يبصرون.

لم يكن قرار الإعدام وليد الساعة، إنما هو في صميم عقيدة أعداء سورية. رأس أبو العلاء يمثل العقل السوري المبدع المؤمن بذاته وقدرته على العطاء والتفوّق في مجتمع يرفض التعصّب الأعمى والجهل والفوضى والتطرّف وقتل الآخر وسحله بمجرد الإختلاف في الرأي.

أبو العلاء ليس وحده على قائمة المبدعين المحكومين بالإعدام في سورية، فإذا بقي هؤلاء سنراهم قريباً يحاكمون ديك الجن الحمصي وإبن الرومي وأبا نواس وإبن المقفع وعمر إبن أبي ربيعة والفرزدق والأخطل وجرير وأبا فراس الحمداني وأبا بكر الجاحظ والمتنبي وأبا بكر الرازي وابن رشد والكندي وعبد الرحمن الكواكبي ونزار قباني وطه حسين ونجيب محفوظ وحنا مينا وكوليت خوري وغادة السمان وسعيد تقي الدين وابراهيم اليازجي، ويمنعون ترجمات عمر الخيام ويأمرون بإحراق كتاب ألف ليلة وليلة ومنع تدريس كتب أحمد شوقي وجبران خليل جبران ومي زيادة وإغلاق كل محطات التلفزيون ما عدا تلك التي تبث المسلسلات التركية كونها من إنتاج دولة الخلافة في اسطنبول وقناتي «الجزيرة» و»العربية» وتلفزيون «المستقبل» و»إم تي في» نظراً إلى خبرتها في التضليل الإعلامي وبثّ الأكاذيب وتشويه الحقيقة. كما سيأتي اليوم الذي سينادي فيه هؤلاء الظلاميون بهدم الأهرام وهياكل بعلبك وقلعة تدمر وأفاميا وردم البحار منعاً للسباحة النسائية ومنع كل الألوان ما عدا الأبيض والأسود كونه اللباس الرسمي للدولة، وسيأمرون بمنع ذكر من صنعوا التاريخ مثل يوسف العظمة وأنطون سعادة وحافظ الأسد وجمال عبد الناصر وأحمد عرابي وسعد زغلول وجول جمال وسناء محيدلي وعماد مغنية، ويحرقون كل كتب التاريخ والجغرافيا التي تتحدث عن تاريخ العرب والتي تدلّ على كل ما هو تراثي وتاريخي كونها «تشوّه» تاريخهم وتاريخ من صنعوهم.

المعركة مع قوى الجهل صعبة وشاقة وطويلة، لكن النصر آت لا محالة، فسورية على حق والمرتزقة على باطل. سورية بقيادتها وجيشها، حماة الديار، وشعبها بكل طوائفه وأعراقه وتكويناته الإجتماعية لن تسمح لمجموعات القتل والتدمير بأن تستمر في طغيانها. وإذ لا يمكن للسيارة الملغومة أن تطفئ نور العقل، ستنتصر سورية ، وسيعيد شعب سورية إلى تمثال أبي العلاء وشموخه، وسيكون هناك تمثال في كل قرية وبلدة وريف ومدينة في سورية لجندي من جنود سورية الذين استشهدوا في قتالهم قوى الجهل لتحيا سورية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024