إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

القول الفصل في اختيار القانون الانتخابي هو للشعب

علي البقاعي - البناء

نسخة للطباعة 2013-01-28

إقرأ ايضاً


أكثر ما يفاجئ المتابعين لاجتماعات اللجنة النيابية المختصة بإيجاد قانون للانتخابات في لبنان أنهم يبدون جميعهم (على الأقلّ بالنسبة لي) غير مقتنعين بما يتناقشون وبما يصرّحون أمام الإعلام، بحيث ينطبق فيهم القول «كلّ يغني على ليلاه».

أولهم يتبنى مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي، وآخر يدافع عن النسبية، وثالثهم يودّ العودة إلى قانون الستين، مع بعض الحذف والإضافات، ورابعهم يريد قانوناً «بين بين» أو مشروع فؤاد بطرس مع زيادة دائرة هنا وحذف محافظة هناك، وخامسهم يقترح قانون الميني دوائر أو الدوائر المصغّرة، وسادسهم يجلس في زاوية القاعة في الفندق رافضاً رفضاً قطعياً كلّ ما يُطرح ويقسّم بكلّ ما أوتي من صلاحيات منحه إياها رئيس حزبه أو تياره أو تنظيمه، زاعماً أن كلّ ما يُطرح لا يتلاءم مع طموحات الطائفة والجمهور الذي يمثله ويتحدث باسمه.

ومن ثمّ يأتيك نائب مستقلّ، رغم أنّ له حلفاء يمثلونه في هذا «الاجتماع التاريخي والمصيري» في فندق الإتوال، ولكن يبدو أنهم لم يزوّدوه بالتقرير الكامل الذي نتج عن الاجتماع، أو أنّ محطات التلفزيون المحلية الموزعة بين الطوائف والمصالح «لخبَطت» في إيصال المعلومات الصحيحة عمّا نتج عن هذه اللقاءات، فلم يستسِغها جميعها وقرّر في لحظة تجلّ أن يستنبط قانوناً انتخابياً يدخل فيه التاريخ من أبواب فندق الإتوال.

وطالما أنّ كلّ هذه المقترحات والقوانين ومشاريع القوانين في سبيل مصلحة المواطنين اللبنانيين من كلّ الطوائف والمذاهب والأعراق والانتماءات والمعتقدات فيحق له أن يستنجد بعدد من أصدقائه ذوي الخبرة في التشريع والقوانين، ويطلب منهم أن يزوّدوه بأقصى سرعة، وقبل أن ينفضّ أجتماع المندوبين، بقانون معجّل يقترحه عليهم من أجل مصلحة الشعب اللبناني الذي يمثله في البرلمان، فلم يخيّب هؤلاء الخبراء أمله ففتشوا في ملفاتهم ورجعوا إلى الماضي القريب والبعيد وجمَعوا ما استطاعوا فتقدم بمشروع قانون قبل أن ينفضّ الاجتماع بلحظات ولم «يطلع من المولد بلا حمّص».

ولكي لا أظلم أحداً من المجتمعين ومن يمثلون، عدت إلى جهاز الكومبيوتر وتصفحت مواقع الأحزاب والتيارات المجتمعة ومبادئها وأهدافها فوجدت أنها كلها تدعو إلى العيش المشترك والوحدة الوطنية والإصلاح ونبذ الطائفية والمذهبية وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون والوطنية والتآخي والمستقبل الواعد ومصلحة الأجيال القادمة والتغيير نحو الأفضل، وجميعهم يفتتحون مؤتمراتهم ومناسباتهم بمقدمة النشيد الوطني اللبناني «كلنا للوطن للعلى للعلم».

وهنا أودّ أن أسأل ممثلي الشعب في البرلمان: «هل سألتم الشعب اللبناني أيّ قانون يريد؟» هل قمتم بطرح هذا السؤال على المواطنين الذين تقولون إنكم تمثلونهم في البرلمان؟ لماذا بعد مرور حوالى ربع قرن على توقيع اتفاق الطائف ما زلتم تبحثون عن طائف لإنصاف الطوائف من طائفية النظام؟ لماذا لا تقومون ولو لمرة واحدة بالتجربة الحقيقية التي قد تضع حداً لمشاكل لبنان كلما حان وقت الانتخابات النيابية، وهي أن تعطوا الفرصة للشعب اللبناني بكلّ تكويناته لأن يقرّر ما يُريد، ويكون له القول الفصل في مصير لبنان، وأيّ قوانين يريد عبر استفتاء عام يشارك فيه جميع اللبنانيين بكلّ تنوّعاتهم وطوائفهم؟

أتركوا القرار للشعب اللبناني ليقرّر نوعية القانون الانتخابي الذي يريد، ويقرّر هل يكون الانتخاب حسب المحافظات أو الدوائر أو الأقضية أو الأحياء؟ وهل ينتخب النواب بالنسبية أو بالنظام الفردي أو المزدوج أو بالتعيين؟ والشعب يحدّد من يمثله في البرلمان أو مجلس الشيوخ إذا ما تمّ إقراره وليكن كلّ هذا بالمناصفة الحقيقية. عند ذلك تكونون قد حققتم ما يريده الشعب اللبناني الذي تقولون في كلّ تصريحاتكم ومقابلاتكم ومقالاتكم وخطاباتكم أنكم إنما تفعلون ما تفعلون من أجل مصلحته العليا.

وإذا كنتم لا تحبّذون هذه الفكرة بعدم إشراك الشعب اللبناني في جهودكم فأقترح عليكم، طالما أنكم تأخرتم في وضع قانون انتخابي يليق بتاريخ لبنان، وبتاريخ مدينة بيروت «أم الشرائع»، أقترح أن تستدعوا بعضاً من النوابغ اللبنانيين في القانون والتشريع المنتشرين حول العالم وتكليفهم بوضع قانون انتخابي عصري يليق بهذا الوطن الذي لا يحيا إلا بالإخاء القومي ويموت بالمذهبية والطائفية.

أما إذا لم تعجبكم فكرتي هذه طالما أنه وقت استنباط الأفكار في هذا الظرف العصيب من تاريخ لبنان، فأقترح أن تعودوا إلى قراءة دساتير وقوانين مجموعة الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وإن كان العدد كبيراً فعليكم بمراجعة دساتير دول الاتحاد الأوروبي، وإن عجزتم عن مراجعتها فعليكم بدساتير دول أميركا اللاتينية التي تضمّ ملايين اللبنانيين الهاربين من طائفيتكم، وإن عجزتم فهناك العديد من دول الاتحاد الأفريقي التي وضعت قوانين حديثة يُحتذى بها، ويمكن أن تفيدكم في بحثكم عن قانون يُسعد ويُريح الشعب اللبناني الذي أُنهك وهو ينتظر حيرتكم في خياراتكم.

خاتمة: الآن وقد انفضّت اجتماعات اللجنة الخاصة بعد أسبوعين من مناقشة المشاريع كافة الموضوعة أمامها من أجل رفاهية الشعب اللبناني، وبعد أسبوعين من حوار «أطرش» ولن أقول «الطرشان»، أؤكد وأصرّ على ما ورد في هذا المقال، وأتمنى أن يكون هناك قانون انتخابي للبنان قبل نهاية القرن الواحد والعشرين.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024