إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الليلة التي لم تخجل من التاريخ بعد

نسيب أبو ضرغم - البناء

نسخة للطباعة 2013-07-12

إقرأ ايضاً


حَدَث في ليل كانت فيه اليهودية العالمية قد أعدّت مقصلتها وحدّدت غريمها وأشارت «لأولي الأمر» عندنا أنه حان وقت أن تهوي مقصلتهم لتُسقط جسد أنطون سعاده وأفلتت ثلاث عشر رصاصة من مخازنها لتشق صدر ذاك الرجل الذي شقّ بفكره وصدقه وريادته صدر الظلمة الفاصلة بين الأمة وطريق خلاصها فرسم لها معراجها بالنهضة القومية الاجتماعية.

كان ليل لكنّه ليلٌ امتدّ طويلاً فأرخى بصقيع ظلمته على النفوس والعقول شلّ الفكر وعطّل الحركة وشوّه الروح وأفقد الأمة وعيها حقيقتها وثقتها بنفسها.

أرادت اليهودية العالمية لذاك الليل أن يكون بداية لأبدية ليل قوميّ وظنّت انه بإسقاط جسد الزعيم تسقط الحالة التي أودعها صفوف الشعب ولم تكُ تعلم أن زعامة سعاده هي زعامة تعبيرية أساساً زعامة أخذت شرعيتها من قدرتها على التعبير عن الأمة في نهوضها وتوقها إلى ولوج عالم الحرية هذا التعبير الذي لا يقدر عليه كل رصاص العالم.

حدث في ليل كان عبيدٌ من الأمة منهم من رُكّز في مواقع «القرار» ومنهم من رُفع إلى قوس محكمة. عبيدٌ أُمروا ألا تشرق شمس الثامن من تموز وسعاده على قيد الحياة ونفذوا... وظنوا أنهم قد أراحوا أسيادهم في الخارج واستراحوا هم في الداخل. فالرجل قد مات... وطوي الأمر!

أشرقت شمس الثامن من تموز وكان جسد سعاده قد غاص في تراب بيروت. لكن ثمة ما لم يتوقعه العبيد الكبار والصغار واليهودية العالمية أن قام سعاده من قبره رسالةً ممهورة بالدم. قام نداءً أبديّاً للأمة لم يتوقف ولن يتوقف. قام معراجاً وريادة. قام الزعيم من قبره زعامة سقط عنها ما تقدر اليهودية العالمية عليه سقط الجسد وبقي منها ما لا قدرة لأحد في الدنيا أن يمسّه العقيدة والريادة والسراط القومي.

في ذلك الليل حفر الدم عميقاً وابتدعت عبقرية انتصاره. في ذلك الليل تولّد دماغ عام بعدما فجروا الدماغ الخاص بسعاده تولّد نهر من الدم أبديّ التفجّر أبدي الجري أبديّ الهدير.

في تلك الليلة ارتفع المعلم إلى الخلود لكن الخلود في صميم الوجع وجع الأمة وفي صميم توقها الخلود في نبض التلاميذ المتوالدين تلاميذ في صفوف رباعية البُعد في الحرية والواجب والنظام والقوة.

ارتفع المعلّم إلى الخلود بقدر ارتفاع أمتّه إلى وعيها حقيقتها وثقتها الأكيدة بالنصر. هو ارتفع إليهم وهم زاحفون إلى نصرهم المؤزر يقودهم حياً ويقودهم غائباً حاضراً.

ارتفع من بينهم إليهم ومعهم لأن الأمة كل السماء وكل الأرض وكل الماضي وكل الآتي. هي المعنى وموئل الانتماء. الأفعى التي لدغتك بأحد فروخها في تلك الليلة الحالكة أصبحت الآن أكثر قوة وفتكاً وأكثر تفريخاً ها هي تعمل تمزيقاً وحقداً في العراق وتحاول في الشام بعد أن ضربت بأحد أذيالها في السودان. وهي تبتدع لنفسها ذيلاً من ماء لوحت به من الحبشة. ما أثقل تلك الليلة على التاريخ وقد أشرت إلى حجم خجلها منه ولكنها يا حضرة الزعيم لم تخجل حتى الساعة!

الذين اعتقلوك وحاكموك وأعدموك هم هم يتناسلون مثلما تتناسل الأفاعي ذات اللون وذات الأنياب وذات السم. هم أنفسهم من نسل تلك الأفاعي التي طردها يسوع من هيكله.

آه لو سمعوا منك حينما خاطبتهم «بأن ليس لنا من عدوّ يقاتلنا في حقنا وديننا ووطننا إلّا اليهود». ماذا يفعلون الآن؟ إنهم يقيمون من أنفسهم على أنفسهم أعداء جعلوا من اختلاف أفكارهم سبباً للانتحار والنحر. نسيوا الأرض نسيوا المجتمع ونسيوا أن مَنْ يعادينا لئيمٌ ولا يَنسى! دمنا وأرضنا وماؤنا وثرواتنا وتاريخنا ومستقبلنا حلالُ عليه حرام علينا!

«سلام على فلسطين وقوميتها الخالدة» عبارة خاطبت بها صحافياً فلسطينياً وأنت وسط الملحمة القضائية يوم السابع من تموز. هي عينها يا حضرة الزعيم فلسطين وقد قسمها أهلها وأصبحت قوميتها «سلطات» بعدما ابتلع اليهودي معظمها. فلسطين الشهداء والبيوت المجروفة والزيتون المقتلع والأنفاق المقفلة...

فلسطين الشام العراق لبنان... تأكلها جميعاً النار الملعونة نار الحقد اليهودي ولا شيء ينقذنا منها إلا تلك النار التي ناديت بضرورة اندلاعها النار المقدسة نار الكفاح المسلح المفتوح.

كل لحظة تتأخّر فيها نارنا المقدسة عن الاندلاع هي عينها لحظة انتشار جديدة للنار اليهودية الملعونة.

إن القضية كل القضية هي بين هاتين النارين في مواجهة النار الملعونة والشوق لاندلاع النار المقدسة ها هم أبناء عقيدتك ما زالوا على عهدهم بما أقسموا أمامك عليه فمنهم مَنْ قضى ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024