إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

البَنادِرة

نسيب أبو ضرغم - البناء

نسخة للطباعة 2013-12-24

إقرأ ايضاً


هي المرّة الثامنة التي يعطّل فيها «بنادرة» المجلس النيابي انعقاد الجلسة النيابية ذلك أن كلمة السرّ المعمّمة على هؤلاء واضحة ولا تقبل التأويل وهي الفراغ بل الإفراغ.

كيف يجيز نائب وصل إلى الندوة البرلمانية بأصوات الشعب لنفسه تعطيل عمل المؤسسة التشريعية في الدولة ممتنعاً عن الحضور ومطيّراً النصاب. الناظر إلى هذا التصرف يرى فيه عدة ارتكابات أولها خروجه على جوهر التمثيل الشعبي والوكالة الممنوحة له من قبل صاحب الولاية الذي هو الشعب فالوكالة التي نصّ الدستور على أنها نيابة عن الشعب في سنّ القواعد والقوانين الآيلة إلى تحقيق مصالح الشعب والوطن ومدّتها أربع سنوات هي وكالة تتضمّن إلى جانب الامتياز الممنوح للنائب في جواز تمثيل الشعب مسؤولية على قدر هذا الامتياز تحديداً وبالتالي فإن المسؤولية المشار إليها هي مسؤولية وطنية تمس بشكل دقيق الحقوق الوطنية والشعبية المصانة أصلاً في الدستور ما يعني أن الاستنكاف عن القيام بها يعد خيانة دستورية وشعبية ووطنية.

إن المجموع النيابي الذي عطّل انعقاد مجلس النواب للمرة الثامنة على التوالي هو في المفهوم الوطني والشعبي خرج على مضمون وكالته وبالتالي فقد شرعيته أصلاً.

ثاني الارتكابات الارتداد عن جدول أعمال أقرّ أصلاً بحضور كافة الكتل وبالتالي يعدّ النكوص عنه وتعطيل البرلمان لإقراره استهتاراً بمصالح فئات واسعة من اللبنانيين خاصة أنه على جدول الأعمال المشار إليه مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب المشروع ـ الحلم للعاملين كافة في القطاعين العام والخاص.

ثالث الارتكابات وربما الأخطر ثبُت أن هذا التجمع النيابي يعمد إلى تعطيل عمل البرلمان ضمن خطّة ترعاها دولة ذات مصلحة في توظيف الساحة اللبنانية ورقةً في صراعها الإقليمي لذا عمدت إلى شلّ القدرة على تشكيل حكومة وحدة وطنية تراعي أحجام القوى السياسية والممثلة بصيغة 9 ـ 9 ـ 6 وبكلام أدق العمل على استبعاد المقاومة وجمهورها كقوة وازنة ومؤثرة في قرارات الحكومة ومصيرها وبقائها.

استطاعت السياسة البندرية أن تحدث الشلل الحكومي في البلد تحت مسميات عديدة لكنّ المقصود هو جعل الفراغ السياسي سيد المشهد اللبناني وما ينتجه الفراغ من كوارث على الصعيد الأمني أو على صعيد الثروات المدفونة في بحرنا وقبل كل شيء على صعيد الإدارة التي تمثل فراغ الدولة بأدقّ الصور.

رابع الارتكابات التنكر للقواعد البرلمانية التي تجعل من قاعة المجلس النيابي في جلساته النظامية النطاق الوحيد لطرح الأفكار والمشاريع بين المعارضة والموالاة. هذا التنكر استبدل الحيوية البرلمانية بالتعطيل البرلماني وهو مثال صادق عن غياب الشعور بالمسؤولية وبالتالي احترام الثقة الشعبية الممنوحة للنائب.

يستطيع النائب أن يقول ما يشاء وليست مصادفة أن يُمنح الحصانة النيابية. تلك الحصانة هي امتياز له يقابلها دور ومسؤولية مفروضان على ممثل الشعب ليمارس دوره الشتريعي في إطار القوانين والأنظمة فعندما يتنازل عن مسؤوليته وواجبه في إيصال رأي الفئة الشعبية التي يمثلها إلى الندوة النيابية يكون فقد شرعيته وبالتالي تسقط عنه حصانته التي هي نتيجة تترتّب على سبب هو حقه في ممارسة العمل البرلماني. فبسقوط السبب تسقط النتيجة.

خامس الارتكابات يتجسد في المرجعية فهل مرجعية الشعب صاحب الولاية والسلطة هي التي تدفع وتوجه وتؤثر في حراك هذه الكتل النيابية؟ أم أن مرجعيات أخرى تتحكم في ذلك؟

يبدو أن الأمير بندر هو المرجعية التي تفرض رأيها وتقرر ما إذا كان مسموحاً حضور جلسات المجلس النيابي أم لا. والإرادة «البندرية» مرتكزة على جنوح مهووس ومتوتر له علاقة بإفشال السياسة السعودية في المنطقة التي تحاول أن تجعل من لبنان حالة متفجّرة رأينا بعض مظاهرها بالدعم الواضح لمجموعات مرتبطة بها بل أكثر من ذلك أظهر انفجار السفارة الإيرانية مدى غرق هذه السياسة في توريط البلد وتمزيقه.

السؤال المطروح الذي ينبغي أن يكون حافزاً لكل اللبنانيين لفرض حالة سياسية تحمي بلدهم ومصالحه: إلام يسكت الشعب اللبناني؟ ألم يدرك الطرابلسيون مثلاً أنهم وقود بأرواحهم وممتلكاتهم وأمنهم لسياسة لن يجنوا من ورائها إلا الدمار.

ألم يعِ اللبنانيون بعد أن النائب الذي يعطل عمل المجلس النيابي ويعرض مصير الغاز والنفط الواقع تحت خطر النهب «الإسرائيلي» إضافة إلى تعطيل تصديق قوانين تمس بمصالح فئات واسعة من اللبنانيين هو نائب لا يمثلهم بل يمثل جهات غريبة عنهم.

البلد رازح تحت 60 مليار دولار ديناً وتحت عبء أمن هشّ وهو في عين العاصفة التي تضرب المنطقة العاصفة الصهيو ـ أميركية. هذا البلد عُطّل تأليف حكومته وعُطّل عمل مجلسه النيابي وأفرغت إدارته وما ينتج من ذلك من انهيارات اقتصادية. هذا البلد يتطلع إلى شعبه وإلى شعبه فحسب.

يقول لبنان للبنانيين كونوا أوفياء لي كونوا لبنانيين أي كونوا حريصين على مصالحكم أنتم احترموا مؤسساتكم ودستوركم وقوانينكم تبقوا أنتم وأبق أنا.

أما للذين هم صدى فنقول: حتماً سيسكت الصوت وحتماً سيغيب الصدى ويبقى صوت لبنان لبنان القويّ بجيشه وشعبه ومقاومته هذا اللبنان الذي لن يكون إلاّ لجميع أبنائه هذا اللبنان الذي سيحمي ثروته وأمنه وأبناءَه وسيصنع مستقبله.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024