إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مرشّح المشروع

نسيب أبو ضرغم - البناء

نسخة للطباعة 2014-04-29

إقرأ ايضاً


حصل ترشيح سمير جعجع لرئاسة الجمهورية في لحظة تنتظر فيها المنطقة محطات ذات أبعاد استراتيجية لا تخدم المشروع الصهيو ـ أميركي الذي بدأت علامات هزيمته تظهر في سورية وإيران. لذلك، من الضرورة بمكان، النظر إلى هذا الترشيح ولا أقول الترشح بمنظار أبعد من خريطة القوى السياسية الداخلية.

من المسلّم به أن الرئيس في لبنان ينتخب في الخارج ويُقترع عليه في لبنان، ما عدا حالة واحدة حصلت لدى انتخاب الرئيس سليمان فرنيجة. أما في حالة سمير جعجع، فثمة إضافة أساسية على مبدأ الانتخاب في الخارج، وهي ذات تداعيات عميقة مع الوضع اللبناني، واستطراداً الإقليمي. هذه الإضافة تتمثل في الدور المُعد لسمير جعجع لكي يلعبه من موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية.

أما الأسباب الموجبة لهذا الدور الذي نأتي على تفصيله فهي:

أولاً: بات مؤكداً فشل الحرب على سورية، فالدولة السورية استطاعت أن تضرب مشروع الحرب عليها بالعمق، وبالتالي هي الآن في مرحلة تصفية هذه الحرب بشكل ثابت، ولأن المشروع الصهيو ـ أميركي تأكد من هزيمته في الداخل السوري، يحاول الآن أن يكسب الساحة اللبنانية ليجعل منها خاصرة رخوة نازفة ومنطلقاً للتخريب على الدولة السورية. إن عملية تطويق سورية لن تتوقف من قبل المشروع الصهيو ـ أميركي، سواء من جهة تركيا أو الأردن أو لبنان.

ثانياً: محاولة إرباك المقاومة وإشغالها في الداخل، مقدمة للانقضاض عليها بتنسيق كامل بين «الشرعية اللبنانية» الممثلة بسمير جعجع «الرئيس» والقوى الإقليمية والدولية كافة المعادية للمقاومة ومحور المقاومة.

ثالثاً: في وصول سمير جعجع إلى الرئاسة اللبنانية، تكون «إسرائيل» أكبر الرابحين من ذلك، سواء على مستوى إرباك المقاومة، أو على مستوى تفريغ انتصار تموز، وتهيئة مناخ ملائم للعودة إلى العصر «الإسرائيلي» الذي أسقطته المقاومة منذ عام 2000. ويصبح لبنان شبيهاً بوضع الدول العربية المنضوية بركب المشروع الصهيو ـ أميركي.

بناءً عليه، نعتقد أن ثمة مرجعيات إقليمية ودولية هي التي رشحت سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، وبالتالي فإن ترشيحه ليس أمراً عابراً، وإن كان الوصول إلى الرئاسة أمراً غير وارد، في حين سوف يدفع لبنان شعباً وحكومة ثمناً باهظاً لمنع وصول جعجع إلى الرئاسة.

الترشيح جدي جداً، سيواكب بكثير من الضغوط، وستكون قوى «14 آذار» كافة وراء هذا الترشيح قابلة أو مرغمة.

أما لماذا سمير جعجع دون سواه من أقطاب «14 آذار»؟

أولاً: لا أحد يملك الفجور السياسي الذي يملكه سمير جعجع.

ثانياً: هذا الرجل عند أُخرج من السجن، لم يخرج لسبب سطحي، إنما أخرج ليلعب أدواراً أقلّها مواجهة طرح العماد عون المنفتح، وصولاً إلى ترجمة المواجهة مع المقاومة عملياً ومن موقع رئاسة الجمهورية.

عندما دخل إلى السجن، كان بسبب حسابات خاطئة حول دعم حكومات الطائف، وعندما أخرج منه، كان بسبب العودة إلى خدمة المشروع بعيداً عن الخطأ في الحسابات. ويبدو أنه تعلّم الدرس جيداً.

ثالثاً: مُكِّن من أن يعيد تنظيم جهازه الأمني والعسكري والسياسي بفضل المال الخليجي، ولم يكن تدفق المال عليه من الخليج لكونه واحداً من مكونات «14 آذار»، بل بسبب ما يُعدّ له من أدوار على الساحة اللبنانية بدأت تطل برأسها عبر هذا الترشيح.

رابعاً: لأنه الأكثر شبهاً ببشير الجميل، والأكثر قدرة من بين رموز «14 آذار» على لعب دور يشبه دور بشير الجميل مطلع الثمانينات. وإن الساحة اللبنانية تُعدّ ذات المشهد الذي عشناه في بداية الثمانينات.

خامساً: سمير جعجع هو الأقدر على إحداث التمزق الداخلي، وخلق حالة إرباك من موقعه الرسمي للمقاومة وجمهورها، إضافة إلى استعداده للقيام بأي إجراء معادٍ لسورية.

بناءً عليه:

نعتقد أن سمير جعجع «الرئيس» سيقدم على الآتي:

أولاً: اعتبار المقاومة خارجة على القانون وعاصية على إرادة الدولة اللبنانية.

ثانياً: الطلب من الجامعة العربية ومجلس الأمن العمل على مساعدة لبنان وبسط سيادته على كامل أراضيه وإزالة أي قوى غير شرعية.

ثالثاً: فتح الساحة اللبنانية لجميع القوى والأجهزة المعادية للدولة السورية، وجعل هذه الساحة في مواجهة دائمة مع سورية إرباكاً لها، وتقويضاً للمشروع الصهيو ـ أميركي المهزوم في سورية .

رابعاً: طلب قوات دولية ترابط على الحدود بين لبنان والشام تحت ذريعة «السيادة».

ذلك كله هو أساس لحرب أهلية جديدة، هي استكمال للحرب التي شنتها قوى التحالف الصهيو ـ أميركي مع سورية.

لذلك، نرى لبنان أمام مفترق قاسٍ لا يحتمل أنصاف الحلول بوصول سمير جعجع إلى الرئاسة الأولى.

الترشيح ليس مناورة، وليس لتسجيل نقاط، بل هو محطة في مسار مشروع بدأ قبيل اغتيال الرئيس الحريري، وأكثر دقة بعد انتصار عام 2000 وتمثل بالقرار 1559، وتكرس بإقدام المشروع الصهيو ـ أميركي على اغتيال الرئيس الحريري، ولا يزال يتقدم، وهو الآن في محطة القبض على الرئاسة الأولى في لبنان.

إن في سماء لبنان غيوماً سوداء.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024