إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الحوار ينعكس إيجاباً بتبريد الملفات الساخنة بخلاف ما روّجه

حسن سلامة - البناء

نسخة للطباعة 2012-06-19

إقرأ ايضاً


على الرغم من حملة التشكيك التي يمارسها فريق «14 آذار» حول طاولة الحوار ومحاولة قلب الحقائق في موضوع جدول الأعمال من حيث القفز فوق الاستراتيجية الدفاعية وتحويل النقاش نحو سلاح حزب الله، فإن ما صدر عن جلسة الحوار الأولى من توافقات حول عدد من القضايا الراهنة كانت له انعكاسات إيجابية على الوضع الداخلي في غير ملف ومنطقة.

وبدا واضحاً أن التداعيات الإيجابية التي لمسها المراقب للأوضاع الداخلية في مجموعة من القضايا الساخنة كادت أن تأخذ البلاد في الأسابيع الماضية نحو اتجاهات غير مريحة، وقد تبدّت هذه الأجواء في مسائل أساسية لاحظتها جهات سياسية بارزة بالمسائل الآتية:

ـ المسألة الأولى لها علاقة بالخطاب السياسي لدى معظم الأطراف الداخلية، بحيث اضطرت هذه الأطراف للالتزام بالحد الأدنى من مقتضيات ما صدر من توافقات، وإن كان فريق المعارضة لم يلتزم بكل موجبات ما تم التوصل إليه. وهو ما يمكن ملاحظته في المواقف التي صدرت عن كتلة «المستقبل النيابية» أو في مواقف سمير جعجع.

ـ المسألة الثانية، بما كان يحصل من تصعيد على الحدود اللبنانية ـ السورية وبالأخص في منطقة الشمال، بحيث شهدت الأيام الماضية تراجعاً في حملة التحريض غير المسبوقة ضد سورية وبعض قوى الأكثرية، وأيضاً رفع الغطاء ولو علنياً عن عمليات تهريب السلاح إلى سورية، ما أدى إلى اضطرار الأطراف التي كانت تقوم بذلك إلى التخفيف من هذه الأعمال دون توقفها بالكامل، وكذلك تراجع محاولات البعض للدفع نحو إقامة منطقة عازلة.

ـ المسألة الثالثة، ولها علاقة بدور الجيش في مواجهة محاولات ضرب الأمن في بعض المناطق، حيث كان لقرار هيئة الحوار توفير التغطية السياسية للمؤسسة العسكرية لإطلاق يدها في ضرب أي محاولات للعبث بالاستقرار، وهو ما انعكس إيجاباً على بعض المناطق التي كانت تشهد أحداثاً أمنية خاصة في طرابلس.

انطلاقاً من هذه الأجواء تعتقد المصادر السياسية أنه بالإمكان البناء على ما انتجته طاولة الحوار من إيجابيات في سبيل دفع الأوضاع الداخلية نحو مزيد ليس فقط من الإيجابيات، وإنما أيضاً نحو مزيد من الانتاجية على مستوى المؤسسات بدءاً من الأداء الحكومي.

فعلى مستوى طاولة الحوار، فإذا ما صدقت النوايا وخرج فريق «14 آذار» من مساعيه للمساواة بين سلاح المقاومة وسلاح الفتنة والأجندات الخارجية، فيمكن الوصول إلى مقاربات بين كل الأطراف المشاركة في الحوار حول موضوع الاستراتيجية الدفاعية، أو على الأقل أن يصار إلى التوصل إلى توافق حول قضية السلاح الذي «لا همّ له» سوى تنفيذ أجندات خارجية أو خدمة لمصالح فئوية.

في الإمكان الاستفادة من هذه المعطيات الإيجابية والعمل في سبيل الوصول إلى قانون انتخابي يتجاوب مع الحد الأدنى من التمثيل الديمقراطي الصحيح، خصوصاً أن معظم الأطراف أعلنت رفضها للعودة إلى قانون الستين، بحيث يمكن إعداد قانون للانتخابات قبل فترة معقولة من موعدها، وبما يسمح لوزارة الداخلية والهيئات الأخرى المعنية الإعداد المطلوب للعملية الانتخابية.

أما على صعيد تحسين انتاجية المؤسسات، فالحكومة بإمكانها أيضاً الاستفادة من هذه الأجواء، بالإضافة إلى التفاهم الذي سبق وجرى التوصل إليه بين أطراف الأكثرية، من أجل التسريع والعمل الجدي لمعالجة ملفات كثيرة ساخنة أو ملحة، ويأتي في مقدمة هذه الملفات، القضايا الاجتماعية والحياتية بدءاً من ملف الكهرباء الذي أصبح مثل «إبريق الزيت» من حيث استعصاؤه على الحلول والمعالجات، على الرغم من أنه كان بالإمكان تنفيذ الكثير من الإجراءات الجدية في الأشهر الماضية، لو كان هناك اهتمام استثنائي وجدي من قبل الحكومة، ويضاف إلى ذلك قضايا اجتماعية وحياتية أخرى.

من كل ذلك، تبدو الساحة الداخلية خلال هذه الفترة، أمام مرحلة فاصلة، فإما أن تكون القوى السياسية بدءاً من طاولة الحوار على مستوى تجنيب البلاد الكثير من الخضات نظراً للأجواء الإقليمية والدولية الداعمة لذلك. وأما عدم الاستفادة من هذه الفرصة وجعلها مجرد مرحلة تقطيع وقت بانتظار عاصفة جديدة. كما أن الحكومة يمكنها الاستثمار على هذه العوامل الإيجابية لتحسين انتاجيتها وأدائها، للخروج من حال المراوحة وتفاقم الأزمات.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024