إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

واشنطن تستعجل التفاهم مع إيران لتأمين انسحاب هادئ من أفغانستان

حسن سلامة - البناء

نسخة للطباعة 2013-12-13

إقرأ ايضاً


من الواضح أن التفاهمات أو ما تصفه مصادر دبلوماسية بداية التفاهمات التي حصلت بين كل من روسيا وإيران من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى قد غيرت الكثير من المعادلات والحسابات الإقليمية والدولية لكن نتائج هذه التفاهمات لم تكتمل أي بمعنى آخر لم تظهر تداعياتها على الوضع في الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام.

ووفق معطيات المصادر الدبلوماسية فإنه رغم حصول تفاهم مبدئي كبير بين واشنطن وموسكو حول كثير من الملفات إلا أن هذا التفاهم لم ينجز بكل تفاصيله وحول كل القضايا المختلف حولها وتالياً فإنجاز هذه التفاهمات بكل عناوينها لا يزال يحتاج إلى مزيد من الوقت وقد يأخذ بضعة أشهر قد تمتد إلى حدود السنة.

ولهذا توضح المصادر أن أبرز تفاهمين جرى التوصل إليهما هما الملف النووي الإيراني وموضوع «جنيف ـ 2» حول الحل في سورية في مقابل سقوط مقولة الحل العسكري وإسقاط النظام.

لكن رغم ذلك فإن مسار التفاهمين لا يزال في بدايته. فعلى مستوى الملف النووي الإيراني يحتاج التوافق الكامل إلى ما يسمى «فترة اختبار» تمتد لستة أشهر وبعدها يرجح حصول تفاهم على كل تفاصيل الملف النووي وارتباطاته بالعلاقة بين طهران والدول الغربية وتعتقد المصادر أن واشنطن لها مصلحة كبيرة في استكمال الحلول للملف النووي الإيراني لكي تتمكن الإدارة الأميركية من التفاهم مع القيادة الإيرانية على ملفات أخرى وفي الدرجة الأولى ما يتعلق بالموضوع الأفغاني لأن الولايات المتحدة غير قادرة على تأمين انسحاب هادئ من أفغانستان إلا إذا توصلت إلى تفاهم مع إيران حول ذلك على غرار ما حصل قبل الانسحاب من العراق خصوصاً أن الرئيس الأفغاني يحظى بدعم قوى من طهران ولذلك جمّد الاتفاقية الأخيرة مع الولايات المتحدة بانتظار موافقة طهران بينما الأميركي «محشور» جداً في الأزمة الأفغانية بعد اضطراره لوقف الإمدادات لقواته العسكرية عبر باكستان نظراً لسيطرة «طالبان الباكستانية» على الحدود بين الدولتين. ولذلك باتت بحاجة إلى اتفاق مع إيران لتأمين الإمدادات في الأشهر المقبلة ولاحقاً تأمين انسحاب هادئ لقواته من أفغانستان.

كما أن اتفاق جنيف النووي فتح بداية تفاهمات مع خمس من دول الخليج الست باستثناء السعودية حيث اندفعت الدول الخمس الى فتح قنوات للحوار مع إيران متخطية الموقف السلبي الذي اتخذته الرياض ما اضطر الأخيرة لاحقاً للتعاطي بإيجابية مع الاتفاق النووي رغم شعور السعودية بأن واشنطن لم تتعاطَ معها كحليف بحيث لم تأخذ رأيها أو حتى لم تضعها في التوافقات التي حصلت قبل إبرام اتفاق جنيف.

أما في خصوص مسار التفاهم الروسي ـ الأميركي حول الحل في سورية فهو أيضاً لم يكتمل بكل عناصره وتفاصيله. فالإدارة الأميركية ما زالت تمارس الشيء ونقيضه فيما يتعلق بالأزمة السورية. فهي من جهة اضطرت أمام الموقف الروسي الثابت للسير بمؤتمر «جنيف ـ 2» والاعتراف بأن لا حل عسكريًا في سورية ومن جهة ثانية شجعت وتشجع على تصعيد العنف والقتال وذلك عبر ثلاثة أمور أساسية هي:

ـ الأمر الأول المماطلة في تحديد مؤتمر «جنيف ـ 2» نزولاً عند رغبة السعودية التي لا تزال تراهن على تحقيق المجموعات المتطرفة إنجازات ميدانية تمكنها من تحسين شروطها إلى مؤتمر جنيف وذلك عبر تقديم السلاح والمال إلى هذه المجموعات والضغط عليها للتوحد تحت لواء ما يسمى «جيش الإسلام» مع علم الولايات المتحدة أن المعركة فتحت على «جبهة النصرة» و«داعش» معاً.

ـ الأمر الثاني تقديم دعم عسكري مباشر للمجموعات المسلحة ولو أنه تحت عنوان «أسلحة غير فتاكة» حتى لو اضطرت قبل أيام إلى وقف هذا الدعم بعد سيطرة ما يسمى «دولة العراق والشام الإسلامية» على المعابر مع تركيا.

ـ الأمر الثالث لجوء الإدارة الأميركية إلى فتح قنوات تواصل مباشرة مع ما يسمى «المجموعات الإسلامية» بحجة أنها تختلف في رؤيتها عن فروع «تنظيم القاعدة» إلا أنها في نهاية الأمر لا تختلف كثيراً عن «القاعدة».

لذلك تلاحظ المصادر الدبلوماسية أن واشنطن وحلفاءها وبالأخص السعودية أصبحوا في مأزق كبير في ما يتعلق بمسار الوضع في سورية. فالأميركي في إرباك واضح بينما الرياض تسير على «حد السكين» فهي من جهة لا تريد التراجع لأنها مضطرة في هذه الحال لدفع أثمان كبيرة والتخلي عن رهاناتها التآمرية ضد سورية بينما إصرارها على الاستمرار في سياساتها الحالية سيقودها حكمًا إلى مزيد من الخسائر حتى لو نجحت في إثارة العنف في سورية والعراق ولبنان .

أما في المقابل فإن سورية ومعها حلفاءها في المنطقة والعالم ثابتون في مواقفهم فضلاً عن أن إطالة الأزمة سيؤدي إلى مزيد من الإنجازات والانتصارات ولو أن هذه الإطالة سينتج عنها مزيد من الخسائر البشرية والدمار إلا أن مسؤولية ذلك تقع على الذين يدعمون ويمولون الجماعات الإرهابية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024