إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل تستطيع واشنطن تجاوز العراقيل «الإسرائيلية» والتركية والسعودية!

حسن سلامة - البناء

نسخة للطباعة 2013-10-01

إقرأ ايضاً


تجمع كل الوقائع والمعلومات أن ما حصل في اجتماعات نيويورك الأسبوع الماضي بين روسيا وإيران من جهة والولايات المتجدة وحلفائها الغربيين من جهة ثانية لم يكن شيئاً بسيطاً أو يمكن اعتباره تفاهمات واتصالات تحصل عادة بين الدول بل إن ما حصل يؤسس لمتغيرات جذرية على مستوى بنيان الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام.

فما كان يعتبر من المستحيلات قبل اجتماعات نيويورك أصبح أمراً واقعاً من حيث الاتصالات الأميركية ـ الإيرانية والتي توجت باتصال هاتفي بين رئيسي البلدين والأمر نفسه بما جرى التوصل إليه من تفاهمات أميركية ـ روسية حول سورية وهو ما سيتم تتويجه بتحديد «مؤتمر جنيف ـ 2» خلال الأيام المقبلة بعد التفاهم في مجلس الأمن على قرار حول نزع السلاح الكيماوي.

على أنّ مصادر دبلوماسية تلتقي على التأكيد أن ما كان قبل اجتماعات وتفاهمات نيويورك يختلف عما بعده من حيث الآتي:

الأول: أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الهيمنة على تقرير مصير العالم بعد أن فرضت روسيا ومعها حلفاؤها الدوليون والإقليميون بداية جدية لعالم متعدد الأقطاب.

الثاني: أن روسيا أصبحت لاعباً أول في تحديد ما يمكن أن يتم ترسيمه من علاقات دولية جديدة وبشكل خاص على صعيد الشرق الأوسط بدءاً من سورية ومسار الأزمة فيها.

الثالث: أن ما كان مطروحاً أميركياً وغربياً على مستوى التعاطي مع الملف السوري قد اختلف جذرياً وإن كان هذا التغيير لم يتبلور بالكامل حتى الآن. لكن يكفي الإشارة إلى سقوط العدوان الأميركي وإلى سقوط ما كانت تطرحه إدارة البيت الأبيض حول موقع الرئيس بشار الأسد في التسوية وإلى اضطرار واشنطن وحلفائها للسير بـ»جنيف ـ 2» وغير ذلك أمور كثيرة.

الرابع: اضطرار الرئيس الأميركي باراك أوباما وكبار مسؤولي إدارته للإقرار بحق إيران في استخدام «النووي» لأغراض سلمية والتأكيد أن واشنطن لا تريد تغيير النظام في إيران وصولاً إلى بدء رفع العقوبات ومنها رفع العقوبات عن بعض الشركات المالية والنفطية.

لكن المصادر الدبلوماسية تلاحظ أن المسألة الأساسية التي تواجه إدارة أوباما لتسويق تفاهماته حول ملفي سورية وإيران تنطلق من ثلاث عقبات يضعها حلفاء واشنطن في طريق استكمال هذه التفاهمات لاحقاً وهي:

العقبة الأولى: وتتمثل بالموقف التركي وهو الأقل تأثيراً لكن لا يزال يلعب دوراً فاعلاً في تأمين السلاح وانتقال المسلحين عبر حدود تركيا إلى سورية.

وتوضح المصادر أنه بالإضافة إلى إدارة أوباما تلعب طهران دوراً مهماً في إسقاط التأثيرات السلبية من جانب تركيا. لكن إدخال تركيا طرفاً في المعادلة الإقليمية الجديدة يبدأ أولاً من اقتناع حكومة رجب طيب أردوغان بإقفال حدودها أمام الإرهابيين والسلاح. فسلطة أردوغان التي تحاول التعاطي بإيجابية مع حكومة المالكي في العراق بدأت تشعر بأن «تنظيم القاعدة» أصبح في قلب تركيا وهي لذلك لن تبقى بعيدة عن إرهاب هذا التنظيم وإن كان الإرباك هو السمة الأبرز اليوم للسياسة الخارجية في أنقرة.

العقبة الثانية: وتتمثل بالسعودية التي تشعر أنها خارج التسويات التي تتم في المنطقة وهي لذلك تحاول عبر بندر بن سلطان تصعيد العنف في سورية عبر تمويل الجماعات المتطرفة لتصفية ما يسمى «الجيش السوري الحر» وفي الوقت نفسه يحاول الملك عبدالله فتح نافذة على إيران عبر دعوة رئيسها «لزيارة الحج» إلى السعودية. وتكشف المصادر الدبلوماسية أن واشنطن ـ أي إدارة أوباما ـ تشجع الملك عبدالله على الانفتاح على إيران وإن كان البعض في السعودية يحاول العرقلة على الانفتاح باتجاه إيران.

العقبة الثالثة: وهي الأكثر حراجة لأميركا وتتعلق بحليفها الاستراتيجي أي كيان العدو «الإسرائيلي» فقادة هذا العدو لا يريدون أي تسوية في سورية بل إن هدفهم الأول إزاحة الرئيس الأسد وليس عندهم مشكلة إذا سيطرت «القاعدة» على سورية وأما في الملف الإيراني فإن حكومة نتنياهو تسعى لمنع أي تطور إيجابي في العلاقة الأميركية ـ الإيرانية حتى ولو تأكد حكام تل أبيب أن كل ما تريده طهران من استخدام «النووي» هو لأغراض سلمية فهدف هذا الكيان أولاً وأخيراً دفع الولايات المتحدة لشن حرب ضد إيران سعياً لإضعافها في الحد الأدنى لأن المطلوب بالنسبة لهذا الكيان ضرب محور المقاومة والباقي تفاصيل.

لذلك فإن ما يعد من تفاهمات اليوم تمهيداً للتسوية الكبرى التي قد لا تحصل على البارد إنما قد يتخللها حروب هنا وهناك وفي الأساس منها الصراع القائم في سورية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024