إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حكومة أردوغان بين مطرقة المعارضة الداخلية وسندان السقطات الكبرى في سورية

حسن سلامة - البناء

نسخة للطباعة 2012-10-19

إقرأ ايضاً


بدا واضحاً خلال الأيام الماضية أن تصعيد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وأركان حكومته ضد سورية، لا ينطلق من عوامل قوة والشعور بتحقيق إنجازات في سياسة التدخل المباشر التي يمارسها لمصلحة العصابات المسلحة، بل إن هذا التصعيد مرده إلى إدراك وريث «السلطنة العثمانية» أن ما كان يحلم به من إعادة أمجاد هذه السطلنة عبر وضع اليد على سورية ومن خلالها على المنطقة العربية مجرد أوهام سقطت مع أول امتحان لأردوغان وحكومته.

ولهذا تشير مصادر دبلوماسية إلى ان حكومة حزب «العدالة والتنمية» في تركيا تواجه مأزقاً حقيقياً رغم المكابرة والصوت العالي الذي يصر~ عليه أردوغان ومعه وزير خارجيته أحمد داود أوغلو، وهذا المازق أخذ أخيراً وجوهاً متعددة داخلياً وخارجياً. وبرزت تجلياته الآتية:

أولاً: إن ما كانت تراهن عليه حكومة أنقرة من سقوط النظام في سورية، في فترة قصيرة ثبت عكسه بعد أكثر من عام ونصف على الأزمة، وبدأ الحلف المعادي لسورية يفتش عن مخارج لمأزق سياساته بعد أن سقطت كل «سيناريوهاته» التآمرية.

ثانياً: لقد دخل الوضع الداخلي في تركيا مراحل سلبية لم يكن يتوقعها أردوغان وأركان حكمه سياسياً واقتصادياً، وتحديداً من ناحية الرفض الشعبي الواسع لسياسته وتراجع النمو الاقتصادي، مع تراجع صادرات تركيا، ورفض قيادة الجيش التركي لهذه السياسة التي تريد زج تركيا في حروب تخدم أولاً وأخيراً الملف الأميركي ـ «الإسرائيلي» من ناحية أخرى.

ثالثاً: إن حكومة أنقرة تفاجأت بالموقف الغربي عموماً ـ الأطلسي تحديداً، والأميركي بشكل خاص، هذا الموقف الذي رفض الانجرار إلى محاولة أردوغان ووزير خارجيته في زج الغرب في عدوان أطلسي ضد سورية، خصوصاً بعد تضخيم حادثة «سقوط أربعة قتلى» في إحدى القرى التركية الحدودية جراء سقوط قذيفة هناك، التي حاولت أنقرة اتهام دمشق بها. وتقول المصادر الدبلوماسية إن الحكومة التركية كانت تتوقع موقفاً متشدداً من الحلف الأطلسي والإدارة الأميركية بالتضامن معها، يصل إلى حدود الاستعداد للتدخل من أجل الدفاع عن «تركيا وسيادتها» لكن المواقف الغربية جاءت أقل بكثير مما كانت تأمل به أنقرة.

رابعاً: إن هذه الحماسة لحكومة أردوغان من أجل زج الحلف الأطلسي بعمل عسكري ضد سورية، قد تراجع كثيراً في الأيام الأخيرة بعد أن شعرت الحكومة التركية بأنها في صدد التورط بالحرب وحدها مع سورية، وهو ما يعني خسائر كبيرة بشرياً واقتصادياً ومالياً. وبالتالي فهذا الواقع سيزيد من معارضة الداخل ويضع أردوغان وحكومته أمام مصير غير واضح.

خامساً: لقد راهنت حكومة أردوغان على نجاح العصابات المسلحة في السيطرة على مناطق واسعة على الحدود مع تركيا، بعد الدعم الواسع الذي قدّم لهذه العصابات في معركة حلب وريفها الذي فتح أبواب تركيا أمام كل أنواع المرتزقة، شحنات كبيرة من مختلف أنواع الأسلحة، أموال طائلة من قطر والسعودية، غرف عمليات يشرف عليها ضباط كبار من تركيا وقطر والسعودية وحتى المخابرات الأميركية لكن نتائج هذا الحشد العسكري خيبت آمال أردوغان وحكومته وكل الداعمين للعصابات المسلحة.

لذلك فالسؤال، ما هي اتجاهات الموقف لدى رئيس الحكومة التركية في المرحلة المقبلة؟ وكيف سيتعاطى مع الوضع السوري بعد تصاعد المعارضة ضد داخل تركيا؟

في اعتقاد المصادر الدبلوماسية أن أردوغان رغم تشدده الظاهري بخصوص الأزمة السورية، بدأ يدرك أن السياسة التي اعتمدها في المرحلة السابقة وصلت إلى «عنق الزجاجة»، ولذلك كان تشديده بعد لقائه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أول من أمس على استمرار عمل اللجنة الرباعية التي تضمه مع إيران ومصر والسعودية. ومن دون الأخيرة إذا أصرّت الرياض على القيام بدور سلبي في المساعي لحلّ الأزمة. وتضيف أن لجوء حكومة أنقرة قبل أسابيع الى الطلب من قائد ما يسمى بـ«الجيش السوري الحر» رياض الأسعد مغادرة الأراضي التركية شكل إشعاراً جدياً من قبل هذه الحكومة بالمأزق الذي وصلت إليه، ولذلك ترجح المصادر أن يستمر التراجع التركي، ولو أن أردوغان يحاذر من الاعتراف بمأزقه ومآزق رهاناته الخاطئة.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024