إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

التسوية في سورية تنتظر اكتمال التوافق الروسي ـ الأميركي

حسن سلامة - البناء

نسخة للطباعة 2013-08-06

إقرأ ايضاً


لم يعد خافياً على أحد أن أصحاب المشروع التآمري تعرضوا لهزيمة كبرى في حربهم العالمية ضد سورية بل إن هؤلاء باتوا يفتشون عن المخرج الذي يخفف من خسائرهم ويمكنهم من حفظ «ماء الوجه» من خلال أمرين :الأمر الأول أن يتمكنوا من تحقيق إنجازات ميدانية وفي الحد الأدنى أن تحافظ العصابات المسلحة على الأماكن التي تسيطر عليها والأمر الآخر أن يفضي الوضع الميداني إلى تسوية سياسية تتيح لهؤلاء فرض تنازلات على القيادة السورية بما يتعلق بطبيعة النظام السياسي في سورية في مرحلة ما بعد هذه التسوية.

لذلك فإن هناك سؤالين كبيرين حول الوضع في سورية الأول يتمحور حول طبيعة الهزيمة التي تعرّض لها المشروع التآمري والثاني حول مسار التسوية التي قد ترسو عليها الحلول أو التسويات في المرحلة اللاحقة.

في الجواب على السؤال الأول تلاحظ مصادر دبلوماسية عليمة أن طبيعة هذه الهزيمة مردها إلى سلسلة حقائق ومعطيات أنتجها الصراع حول سورية وأبرز هذه الحقائق أربع وهي:

أن القائمين على الحرب الكونية لم يدركوا أن سورية قادرة على الصمود ومواجهة كل هذا الحشد الغربي ـ الخليجي ـ الإرهابي رغم كل أساليب القتل والتسليح والتمويل والتحريض والتي جرى اللجوء إليها خلال سنتين ونصف تقريباً من عمر الأزمة بحيث أن كل هذا «الحشد الدولي» تفاجأ بقوة الجيش السوري والالتفاف الشعبي حوله وحول القيادة السياسية في دمشق بدءاً من الرئيس بشار الأسد.

إن استقدام كل أنواع المرتزقة والإرهابيين من مختلف أصقاع الأرض تحت مسميات مختلفة تحول إلى مشكلة جدية للأميركي وحلفائه وإن كان الغرب لم يعترف علناً من الآن بخطورة ما تمثله الجماعات الإرهابية في سورية في وقت ظهر عقم المجموعات المسلحة التي تنتمي لما يسمى «الجيش السوري الحر» بحيث بات من المؤكد أن إطالة الأزمة في سورية سيؤدي حكماً إلى السيطرة الكاملة للعصابات الإرهابية على كل المناطق الواقعة تحت نفوذ المسلحين حالياً في وقت لم يتمكن الغرب من توحيد «مسميات» ما يسمى «الجيش السوري الحر» بل إن معظم المجموعات العسكرية التابعة له تتحرك وفق مصالح متزعمي هذه الجماعة أو تلك.

إن الغرب لم يكن يتوقع وقوف حلف سورية معها إلى حدود وضع «خطوط حمراء» ممنوع على أصحاب الحلف التآمري تجاوزها. على الصعد الدبلوماسية والعسكرية خصوصاً من جانب روسيا وإيران وحزب الله فالمصادر الدبلوماسية تشير في هذا السياق إلى أن صلابة الموقف الروسي وصل إلى حدود التدخل عسكرياً في حال لجأ الغرب إلى التدخل العسكري المباشر.

إن المأزق الذي بلغته بعض الدول نتيجة تدخلها المباشر في دعم الإرهاب داخل سورية انعكس أزمات داخل هذه الدول. ويكفي الإشارة إلى اضطرار حكام قطر للانسحاب من الحياة السياسية وأيضاً الأزمة التي تواجهها حكومة رجب طيب أردوغان كما أن المصادر لا تستبعد أن تمتد الأزمة إلى داخل العائلة المالكة في السعودية واضطرار رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان لزيارة موسكو أخيراً يؤكد مدى المأزق الذي بلغته سياسة العائلة المالكة هناك والتي تحاول التفتيش عن مخرج لأزمتها عبر السعي لاستعجال الحل السياسي الذي يؤمن لحلفاء هذه العائلتة «انتصاراً معنوياً» أي أن يعطى ما يسمى «الائتلاف الوطني السوري» المعارض صفة المفاوض الوحيد عن أطراف المعارضة السورية بعد أن سقطت رهانات بندر بن سلطان على العصابات المسلحة لتحقيق إنجاز ميداني يؤدي إلى وضع محافظة حلب تحت سيطرة العصابات الإرهابية.

لذلك فإن الجواب حول السؤال الثاني المتعلق بمسار التسوية في سورية لم ينضج حتى الآن وعلى هذا الأساس فالمرجح استمرار وتصاعد حدة المعارك في سورية لكن ذلك لن يمكّن من إحداث تغييرات لصالح العصابات المسلحة فالمعطيات تشير إلى القرار الغربي ـ الأميركي الذي يدفع نحو استمرار القتل والإرهاب بهدف إنهاك الدولة السورية سعياً وراء فرض شروط على القيادة هناك لم يتم القبول بها في المراحل السابقة والتي كانت أصعب من المرحلة الحالية على الدولة والحكومة السوريتين.

إلا أن المصادر الدبلوماسية تكشف ان إنضاج هذه التسوية يتأخر وخصوصاً أنها لن تكون معزولة عن اتفاق روسي ـ أميركي أوسع بكثير ويتناول جملة واسعة من القضايا الدولية وتوضح أن أي تسوية لن تكتمل قبل أشهر عدة وفي الحد الأدنى قبل نهاية أيلول المقبل. فالقضايا الدولية التي تدخل في صلب التسوية الأميركية ـ الروسية ستكون في أولوية محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارته المتوقعة خلال أسابيع قليلة إلى واشنطن كما أن هذه الصفقة قد تنجز في أواسط أيلول. لكن قد تؤجل لفترة جديدة إذا لم يكن التوافق قد اكتمل حول جملة القضايا الدولية التي يتم بحثها بين موسكو وواشنطن.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024