إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أزمة إيران والحرب العالمية القادمة

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2007-11-11

إقرأ ايضاً


حذر الرئيس الأمريكي جورج بوش يوم 22/10/2007 من أن إيران يمكن أن تطور قبل عام 2015 صواريخ بالستية عابرة للقارات قادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة وكافة أنحاء أوروبا. ويأتي كلام بوش هذا في إطار التأكيد على خطط الولايات المتحدة لنشر الدرع الصاروخية في بولندا و تشيخيا. وكانت روسيا قد اعترضت على نشر هذه الدرع في هاتين الدولتين، لأنها ترى أنها موجهة ضدها بسبب قرب الدولتين من حدودها، كما أنها هددت بنشر صواريخ موجهة نحو أوروبا إن لم تتخلَّ الولايات المتحدة عن درعها، لكن هذا التهديد الروسي لم يلق آذاناً صاغية عند الأمريكيين الذين قرروا المضي في خططهم الحربية حتى النهاية، والواقع أن العالم مقبل على حرب كبرى، ومؤشر حدوث مثل هذه الحرب هو الأزمات التي تنشأ هنا وهناك، ولا تكون الأزمة أزمة إلا إذا كان هناك مجموعة من الأقطاب المتصارعة حول قضية معينة. وقد شهد العالم قبل الحربين العالميتين الأولى والثانية، عدة أزمات فقبل الحرب العالمية الأولى مثلاً، شهد الصراع على قارة إفريقيا بين الدول الاستعمارية الأوروبية في العقد الثامن من القرن التاسع عشر، ولا سيما بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا الطامحة لدخول مجال الاستعمار آنذاك، أزمة خطيرة كادت أن تؤدي إلى اندلاع حرب كبرى لولا عقد مؤتمر برلين بين عامي 1884 و1885 الذي بموجبه تم تقسيم إفريقيا بالتساوي بين الدول المتنازعة. وفي عام 1905، حدثت أزمة دولية كبرى بسبب معارضة ألمانيا للنفوذ الفرنسي المتزايد في المغرب، وكادت أن تؤدي هذه الأزمة إلى اندلاع الحرب لولا مسارعة فرنسا إلى إرضاء ألمانيا من خلال إعطائها أراضي في وسط إفريقيا تعويضاً لها عن المغرب، في عام 1911. كما حدثت أزمات أخرى، وقد تراكمت هذه الأزمات إلى أن اشتعلت الحرب الأولى عام 1914. وقبل الحرب العالمية الثانية، حدثت أزمات متعددة لعل أخطرها تمثلت في قيام إيطاليا، التي كانت دولة كبرى، باحتلال الحبشة عام 1936 رغم أن هذه الأخيرة كانت عضواً في عصبة الأمم. وقد أدى هذا الاحتلال إلى اختلال التوازن الدولي الذي كان سائداً، فتشجعت ألمانيا وقامت بغزو النمسا وضمها إليها عام 1938، ومن ثم أجبرت الدول الكبرى على التسليم لها بضم تشكوسلوفاكيا إليها في العام نفسه، ولم يطل الوقت حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939. وبعد انتهاء تلك الحرب، ساد العالم استقرار نسبي بسبب التوازن الذي كان موجوداً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، لكن بعد انهيار هذا الأخير عام 1991، اختلَّ التوازن الدولي وأصبحت الولايات المتحدة قوة عظمى مهيمنة، فاندفعت إلى احتلال العراق عام 2003 بهدف السيطرة على نفطه، وخلقت بهذا الاحتلال واقعاً مماثلاً للواقع الذي كان قبل الحربين العالميتين. فقد تنبهت روسيا والصين، وهما قوتان كبريان في عالم اليوم إلى خطورة تلك الخطوة الأمريكية، وأدركتا أنهما مستهدفتان إن لم تدافعا عن وجودهما في وجه الهجمة الأمريكية للهيمنة على العالم. فظهرت الأزمة الإيرانية الراهنة، هذه الأزمة التي تتلخص في سعي الولايات المتحدة لوضع يدها على هذا البلد، كما فعلت مع العراق، وفي المقابل تتخذ روسيا والصين موقفاً معارضاً لها ومسانداً لإيران. وتبدو الأزمة حول إيران أخطر أزمة دولية في الوقت الراهن، لأنها ذات خطوط متشابكة، فالولايات المتحدة لن تقبل بأية تسوية لهذه الأزمة تُبقي على النظام الإسلامي في إيران، لأن هذا النظام لا يعترف بإسرائيل، بل إنه يصرح بشكل مستمر على لسان مسؤوليه، بنيته في تدميرها. كما أن روسيا والصين لن تقبلا بتسوية تؤدي إلى تدمير هذا النظام لأنهما تعتقدان أن أي نظام بديل في هذا البلد سيكون موالياً للولايات المتحدة. ولذلك فإن الأزمة الإيرانية متجهة نحو التحول إلى صدام عسكري عالمي. ولعل أزمة الدرع الصاروخية ليست سوى تفصيل بسيط في خضم تلك الأزمة الخانقة، والحرب العالمية القادمة قد تندلع عام 2014 أي بعد مرور مئة عام على اندلاع الحرب العالمية الأولى، وسوف تكون المنطقة العربية، وخاصة الخليجية منها، ساحة المعارك الرئيسية لها، وهذه الحرب سوف تنتهي بكارثة على العالم العربي والإسلامي وعلى العالم أجمع.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024