إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل هناك لاجئون يهود عرب في إسرائيل ؟

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-05-01

إقرأ ايضاً


أقرّ مجلس النواب الأمريكي قراراً يطالب الرئيس الأمريكي جورج بوش بأن تعترف الولايات المتحدة بأن اليهود الذين تركوا الدول العربية يعتبرون لاجئين وأنه يتحتم على الإدارة الأمريكية أن تضع ذلك في كل قرار دولي يتحدث عن حلّ لقضية اللاجئين الفلسطينيين . وقطعاً أن هذا القرار هو من إعداد وإنتاج اليهود ، وإن كان قد صدر عن مجلس نواب الولايات المتحدة الأمريكية . فهؤلاء النواب يعملون ـ على ما يبدو ـ عند إسرائيل وبما يخدم أهدافها ، وليس بما يخدم الولايات المتحدة ، لأن هذا القرار يشكّل صداماً مباشراً مع الدول العربية التي في معظمها حليفة للولايات المتحدة . فهو يتحدث عن من يسميهم اللاجئين اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل ، وهو بذلك يخالف الواقع ويزوّر التاريخ ، لأنه لا يوجد يهود أجبروا على مغادرة الدول العربية قبل أو بعد القيامة المشؤومة لإسرائيل عام 1948 ، بل إن اليهود الذين كانوا يعيشون بين العرب تركوا بمحض إرادتهم أوطانهم بعد أن أغرتهم الحركة الصهيونية بمستقبل رغيد لهم في "أرض الميعاد" . واليهود العرب يشكلون اليوم نحو مليوني مستوطن صهيوني من مستوطني الكيان الصهيوني ، وإذا عاد هؤلاء إلى البلاد العربية التي جاؤوا منها ، فإن الكيان الصهيوني نفسه سوف ينهار بعد أن يفقد كتلة بشرية كبيرة منه . وبهذا الاعتبار ، فهل يسعى مجلس النواب الأمريكي إلى خراب إسرائيل عندما يطالب الإدارة الأمريكية بالسعي إلى حلّ ما يسميها قضية اللاجئين اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل ؟. الواقع أن صدور هذا القرار في هذا الوقت ، إنما يهدف إلى التشويش على المبادرة العربية للسلام التي أقرّتها قمة بيروت العربية عام 2002 . ومن ثم في قمة دمشق العربية التي انعقدت في 29ـ30 مارس الماضي . أكّد العرب أن هذه المبادرة لن تظل إلى الأبد ، وأنه إذا لم ترد عليها إسرائيل خلال شهرين من تاريخ انعقاد القمة ، فإن الدول العربية ستعيد النظر فيها . وتنصّ المبادرة على انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 ، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم في فلسطين ، وقيام دولة فلسطينية تكون عاصمتها القدس ، وذلك مقابل تطبيع عربي شامل مع إسرائيل . وكانت إسرائيل خلال السنوات الماضية قد حاولت من خلال حليفتها الولايات المتحدة ، تعديل بعض بنود المبادرة ليتسنى لها قبولها ، وخاصة البند المتعلق بعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين أعلنت أنها لن تقبل بعودة واحد منهم . لكن الإصرار الفلسطيني على حق العودة أسقط كل المؤامرات الأمريكية بهذا الخصوص ، وظل بند حق العودة جزءاً أساسياً من المبادرة العربية . ومن أجل إرباك هذه المبادرة ومن ثم دفنها ، قام مجلس النواب الأمريكي بإصدار القرار الآنف الذكر والذي يضع قضية اللاجئين الفلسطينيين مقابل ما يسميها قضية اللاجئين اليهود . وطالما أن الولايات المتحدة هي الراعي الوحيد لعملية السلام بين إسرائيل والعرب ، فإن هذا القرار سيجد طريقه إلى التنفيذ من خلال تخيير العربي بين إسقاط بند حق العودة من مبادرتهم أو عرقلة عملية التسوية بالكامل عبر الحديث عن ما يسمى اللاجئين اليهود . فإذا قَبِل العرب بإسقاط بند حق العودة ، فعند ذلك لن يصار إلى تفعيل قضية اللاجئين اليهود . أما إذا أصرّ العرب على حق العودة للاجئين الفلسطينيين ، فإن الولايات المتحدة ستصرّ على قضية اللاجئين اليهود لإفشال المبادرة العربية . والواقع أن العرب يستطيعون إجهاض هذه المبادرة الأمريكية الجديدة على القضية الفلسطينية من خلال الإعلان بأنهم يقبلون بعودة اليهود الذين تركوا البلاد العربية وذهبوا بمحض إرادتهم إلى إسرائيل ، وأنهم مستعدون لمعاملة هؤلاء كمواطنين أسوة بغيرهم من المواطنين العرب . ولا شك أن العرب بهذا الإعلان لن يجهضوا المبادرة الأمريكية فقط ، بل إنهم سيضعون إسرائيل في مأزق خطير .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024