إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الغرب والتدريبات الجوية الإسرائيلية

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-07-06

إقرأ ايضاً


كشف مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية لصحيفة "نيويورك تايمز" في 16/6/2008 ، أن إسرائيل نفّذت تدريبات جوية واسعة فوق البحر الأبيض المتوسط واليونان بداية الشهر الحالي ، شارك فيها أكثر من 100 طائرة /أف 15/و /أف16/ للتمرّن على شنّ غارات محتملة ضد المنشآت النووية الإيرانية . وقد جاء الإعلان عن هذه التدريبات العسكرية الإسرائيلية بالتزامن مع المقترحات التي قدمتها الدول الغربية لإيران بخصوص برنامجها النووي . وهذه المقترحات تتضمن وجوب تعليق إيران لتخصيب اليورانيوم مقابل قبول دول الغرب بحقها في امتلاك برنامج ذري سلمي ، وأن تتولى هذه الدول تزويده بالوقود النووي ، ومنحها دوراً إقليمياً في منطقة الخليج والشرق الأوسط . وقبل أن تتلقى إيران هذه المقترحات بوساطة منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ، أعلنت أنها لن توقف تخصيب اليورانيوم ، وقدّمت في المقابل مقترحات حول رؤيتها لمستقبل العالم . لكن إيران قالت إنها ستدرس المقترحات الغربية وستردّ عليها في الوقت المناسب . وعلى الأرجح ، فإن إيران لن تقبل هذه المقترحات حتى وإن كانت تتضمن منحها دور الشرطي في منطقة الخليج ، لأنها في هذه الحالة ستعود إلى ما كان عليه الحال أيام حكم النظام الشاهنشاهي البائد ، وهي ما فتئت تقول إنها قطعت كل صلة مع ذلك النظام ، وأنها ستعمل على إعادة التوازن إلى العلاقات الدولية . وهذا الأمر لن يتحقق ، من وجهة نظرها ، إلاّ إذا وقفت على قدم سواء مع دول الغرب ولاسيما الولايات المتحدة ، ونافستها في السيطرة على هذه المنطقة أو تلك . ولا شك أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يدركون أن إيران لن تقبل مقترحاتهم ولن توقف تخصيب اليورانيوم ، ويدركون أيضاً أنه لا سبيل إلى إيقاف البرنامج الذري الإيراني إلاّ بإرغام إيران على قبول ذلك ، إما عن طريق العقوبات الدولية أو عن طريق المواجهة العسكرية . لكن ، يا ترى ، ما هي قدرة الدول الغربية على تطبيق هذين الخيارين ؟. الواقع أن الممارسات السياسية الدولية بخصوص أزمة إيران ، أظهرت أن الغرب عاجز عن جمع العالم كله حول رأيه في هذه المسألة ، لأن ثمة قوى عالمية ، وخاصة روسيا والصين ، لا توافق على تضييق الخناق على إيران ، ولا توافق على توجيه ضربة عسكرية ضدها . فروسيا تشعر أن الخطر الأمريكي يداهمها من كل مكان ، سواء من خلال إقامة الولايات المتحدة نظام دفاع صاروخي في دول أوروبية كانت حتى الأمس القريب تابعة للاتحاد السوفيتي السابق ، أو من خلال التغلغل في المحيط الروسي مثل أوكرانيا وجورجيا ودول آسيا الوسطى التركية، وتشجيع النزاعات الانفصالية في الاتحاد الروسي ، وخاصة في منطقة القوقاز ، بهدف تدمير هذا الاتحاد وإنهاء القوة الروسية . وترى روسيا أن سقوط إيران بيد الولايات المتحدة سوف يسهّل على هذه الأخيرة الإطباق عليها والإسراع في إلحاق الهزيمة بها. ولهذا لا يترك المسؤولون الروس مناسبة إلاّ ويؤكدون دعمهم وتأييدهم لإيران ولحقِّها في امتلاك برنامج نووي سلمي . وأما الصين ، فإنها هي الأخرى متألمة من السياسة الأمريكية المعادية لها منذ انتصار الثورة الشيوعية فيها عام 1949 . فلا تنسى الصين أنها حوصرت من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين أكثر من خمسة وعشرين عاماً حتى اضطر هؤلاء إلى الاعتراف بها عام 1975 . ولا تنسى الصين أيضاً أن الولايات المتحدة كانت ولا تزال تدعم تايوان وتدعم كوريا الجنوبية واليابان ، وتعمل حالياً على زعزعة استقرار الصين من خلال تشجيع التبتيين على المطالبة بالانفصال عنها . وللصين مصالح كبرى مع إيران ، فهي تتحول إلى قوة عظمى ، ولكنها تفتقر إلى الطاقة بشكل مريع . وقد عقدت اتفاقيات بمليارات الدولارات للتنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما في الأراضي الإيرانية . ولهذا فمن مصلحة الصين أيضاً هي في بقاء إيران لتكون بمثابة حقل الطاقة الذي يرفد الاقتصاد الصيني بشكل دائم . لكن إذا كان باب العقوبات الدولية مغلقاً أمام دول الغرب ، فهل سيكون باب المواجهة العسكرية مفتوحاً أمامها ؟. لا شك أن الولايات المتحدة هي القوة الرئيسية في الغرب وبدونها لا تستطيع دول الغرب الأخرى أن تحرّك ساكناً . والولايات المتحدة تعاني الآن من مأزق العراق واقتصادها أضحى على شفير الانهيار. ولذلك فهي عاجزة عن التفكير بالقيام بعمل عسكري ضد إيران . ولا تملك سوى التهديد الكلامي والحرب النفسية، ويأتي إعلان وزارة الدفاع الأمريكية عن المناورات العسكرية الإسرائيلية في هذا الإطار .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024