إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

اتفاقية التهدئة بين إسرائيل وحماس

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-06-30

إقرأ ايضاً


وقّعت حكومة حماس في قطاع غزة مع إسرائيل اتفاقية تهدئة لمدة ستة أشهر تمتنع بموجبها إسرائيل عن القيام بأعمال عدوانية ضد الشعب الفلسطيني في غزة وترفع الحصار الجائر عنه مقابل التزام حماس وحركات المقاومة الأخرى بعدم إطلاق الصواريخ والقذائف ضد المستعمرات والأهداف الإسرائيلية . وقد لعبت مصر دوراً كبيراً في الوصول إلى هذه الاتفاقية التي أقلّ ما يُقال فيها ، إنها نصر جديد للشعب الفلسطيني . فهي قد جاءت في أعقاب تهديدات إسرائيلية متتالية بشنّ عملية واسعة النطاق في غزة للقضاء على المقاومة فيها ومن ثم تسليمها بحسب رأي المسؤولين الإسرائيليين إلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية . إلاّ أن هذه التهديدات لم تنفّذ واضطرت إسرائيل إلى توقيع هذه الاتفاقية مع المقاومة . ولا شك أن هذه الاتفاقية وإن كانت محدودة بمدة زمنية ، إلاّ أنها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن المقاومة في غزة باتت عصية على الانهزام ، وأن إسرائيل لم تعد قادرة على فرض شروطها على الشعب الفلسطيني . ذلك أن توقيع اتفاق هدنة بين طرفين متخاصمين يعني أن هذين الطرفين يقفان على سوية واحدة في الصراع ، وأن أيّاً منهما غير قادر على القضاء على الآخر ، وأنه مضطر إلى مهادنته لوقف الصراع قليلاً لكي يلتقط أنفاسه ويعود من جديد إلى مواصلة القتال . ومنذ اندحار إسرائيل عن قطاع غزة عام 2005 ، تواصل نشاط المقاومة الفلسطينية في الإعداد والتجهيز لمواصلة القتال ضدها . وفي نفس الوقت كانت هي تفرض حصاراً بحرياً وبرياً على القطاع بدعوى منع تهريب السلاح إليه . وكان طيرانها الحربي يواصل قتل المجاهدين والأبطال في غزة ، وكانت المقاومة تردّ على الإجرام الإسرائيلي بقصف المستعمرات القريبة من القطاع وخاصة "سديروت" التي فرَّ منها المستعمرون الصهاينة . وقد وصلت صواريخ المقاومة إلى مدينة عسقلان الأسيرة ، ولم تفلح كل التكنولوجيا العسكرية الموجودة لدى الجيش الإسرائيلي في وقف انهمار هذه الصواريخ على المستعمرات ، بل إن المقاومة كانت تعمل دائماً على تطوير مشاريع صواريخها كي تصل إلى مديات أبعد ولتكون أكثر فتكاً وتدميراً . وبعد أن تألمت إسرائيل من هذه الصواريخ التي كانت تسقط يومياً على مستعمراتها ، حاولت التضييق على الشعب الفلسطيني في غزة وحاولت محاصرته فوق الحصار الذي ما فتئت تفرضه عليه . فقطعت عنه الماء والكهرباء والطاقة ومنعت دخول الدواء إلى المستشفيات الفلسطينية . وقد ظنّت أن هذا الشعب سوف يستسلم لها ويقوم بطرد حماس وأخواتها الحركات المجاهدة إلى خارج القطاع ، لكنها فوجئت عندما رأت أن الفلسطينيين يتمسكون أكثر بمقاومتهم وأنهم مستعدون للموت جوعاً وعطشاً في سبيل حريتهم واستقلالهم . ولهذا خضعت واضطرت إلى قبول الهدنة مع حماس مع أنها تدرك أن ذلك في غير مصلحتها . لكن ماذا تفعل بعد أن أصبحت خياراتها محدودة في التعامل مع الشعب الفلسطيني ؟. قطعاً لا تستطيع أن تفعل شيئاً سوى طلب الهدنة وانتظار الأسوأ القادم عليها لا محالة . ذلك أن أنهار الدماء التي تسببت في جريانها منذ أكثر من ستين عاماً ، باتت تحاصر كيانها وتسمم عيشها وتكبِّل حريتها . وهي الآن تصرخ ، وفي المستقبل القريب سوف يتعالى صراخها أكثر ولن تجد من يحميها من غضب الشعب الفلسطيني ، بل ستتجه نحو مصيرها المحتوم وقضائها المبروم نحو النهاية التي لا بدّ منها لكل عادٍ ومستكبر .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024