إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

دانييل بايبس وخارطة العالم العربي

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2007-11-25

إقرأ ايضاً


نشر دانييل بايبس مقالاً يقول فيه إن بعض الدول في الشرق الأوسط مهددة بالاختفاء ومنها : الأردن، لبنان، وإسرائيل. فالأردن، كما يقول، مهدد بالاختفاء لأنه يقع بين دول أكبر حجماً وأكثر قوة وعدوانية، من دون أن يوضح من هي هذه الدول، وأما لبنان فإنه – كما يزعم – مهدد من قبل سوريا التي – كما يقول – ترفض الاعتراف باستقلاله، وأما إسرائيل فيقول إنها الآن تواجه تهديدات شديدة لوجودها تماثل في شدتها التهديدات في الفترة السابقة على حرب 1967، ولم يوضح الكاتب مصدر هذه التهديدات، لكن كلامه لا يخفى على كل ذي لب، فهو يريد أن يقول إن إسرائيل هزمت في عدوانها على لبنان عام 2006، وإن هذه الهزيمة جعلت مستقبلها في مهب الريح، لكن لماذا يعقد الكاتب هذه المقارنة بين إسرائيل وبين البحرين والأردن ولبنان على الرغم من عدم وجود أي وجه للمقارنة بين الجانبين؟ الواقع أن هذا الكاتب هو من اليهود الصهاينة الأمريكيين المتحمسين بشدة لإسرائيل، وهو مقرب من مراكز القرار في الولايات المتحدة، ولا ينفك عن مهاجمة الدول العربية والإسلامية بما يعود بالفائدة على إسرائيل، وهو عندما يقارن بين إسرائيل وبين الدول العربية الثلاث التي ذكرها إنما يفعل ذلك من أجل إعطاء شرعية مطلقة لوجود إسرائيل كمكون أساسي من نسيج الشرق الأوسط، فهي دولة مهددة في بقائها لأنها صغيرة مثلها في ذلك مثل الدول الصغيرة في المنطقة، ولا شك أن هناك اختلافاً كبيراً بين نشأة إسرائيل المشبوهة وبين وجود غيرها من الدول العربية الصغيرة، فهذه الدول تضم شعوباً عربية تعيش فيها من آلاف السنين، أما إسرائيل فهي دولة احتلال أقيمت بمؤامرة دولية كبرى على أرض فلسطين العربية بعد أن تم تهجير الشعب العربي الفلسطيني منها وتم فتح باب الهجرة إليها لكلّ شذاذ الآفاق من الآفّاقين الذين يسمون أنفسهم /صهاينة/ ومنذ اللحظة الأولى لوجودهم 1948 ما فتئت هذه الدولة تشن العدوان تلو العدوان على الدول العربية المجاورة، وكان لبنان أكثر دولة عربية، بعد فلسطين المحتلة، يتعرض لعدوان لأنه بلد صغير ولم تكن له قوة تحميه ولذلك عاث الصهاينة فساداً كبيراً فيه فقتلوا الآلاف من أبنائه ودمروا بناياته ومؤسساته وخاصة في اجتياح عام 1982، لكن الشعب اللبناني لم يستكن للذل، فانتفض للدفاع عن أرضه وعن وجوده وظهرت فيه مقاومة مؤمنة استطاعت أن تحرر أرض الجنوب عام 2000، ومن ثم استطاعت أن تقهر إسرائيل وأن تذلها في عدوانها على لبنان عام 2006، وقد فتح هذا النصر اللبناني عيون اليهود الأمريكيين وعلى رأسهم دانييل بايبس إلى حقيقة أن إسرائيل ضعيفة وأنها قد تختفي من الوجود إن بقيت خارطة الشرق الاوسط بهذا الشكل حيث توجد هناك دول كبيرة مثل سوريا ومصر والسعودية، وأن وجود هذه الدول الكبيرة سيبقى عامل خطر داهم على وجود إسرائيل، ولذلك استنفر هؤلاء الصهاينة ودفعوا الدولة الأمريكية باتجاه الإسراع في تفتيت دول المنطقة، فأصدر مجلس الشيوخ الأمريكي يوم 26/9/2007 قراراً يقضي بتقسيم العراق المحتل إلى ثلاث دول طائفية وعرقية، ويشكل هذا القرار مقدمة لما يخطط لهذه المنطقة من مخططات تدميرية تستهدف وجود وبقاء الشعوب العربية، لكن ورغم قوة الطاغوت الصهيوني العالمي، ورغم ضعف العرب إلا أن إرادة المقاومة عند العرب سوف تنتصر على كل المؤامرات، ونحن نشهد الآن بوادر هذا النصر، فالعراق الذي تم اختياره كتجربة في حقل التقسيم هو وحده الذي سيسقط تلك المؤامرات من خلال مقاومته البطلة التي أثبتت عبر السنوات الخمس الماضية من عمر الاحتلال أن إرادة الشعوب هي الأقوى دائماً، وهذه المقاومة لن تتوقف حتى يخرج آخر جندي أمريكي محتل من العراق. وإذا حدث ذلك وهو لم يعد بعيداً نظراً لحجم الخسائر التي يتكبدها الاحتلال كل يوم، فإن فجراً سيبزغ في هذه الأمة وسوف لن ينفعهم آنذاك، كل مكائدهم ضد هذه الأمة، لأن هذه المكائد سوف ترتد عليهم والويل لهم يومذاك من غضب العرب.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024