إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أين مشروع الإمبراطورية العالمية

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-03-29

إقرأ ايضاً


اعتذرت الحكومة اليمنية إلى الرئاسة اليابانية لمجموعة الدول السبع الأكثر تصنيعاً في العالم ، وللإدارة الأمريكية عن عدم استضافة الدورة الرابعة لمنتدى المستقبل المنبثق عن مبادرة الشرق الأوسط الكبير التي طرحتها الولايات المتحدة في فبراير عام 2004 ، وتبنتها المجموعة في قمتها التي انعقدت في ولاية جورجيا الأمريكية في يونيو 2004 من أجل تشجيع الديمقراطية في المنطقة . وكان المغرب قد استضاف أول مؤتمر لهذا المنتدى في الرباط في 11 ديسمبر 2004 ، كما استضافت البحرين الدورة الثانية في نوفمبر 2005 ، واستضافت الأردن الدورة الثالثة في ديسمبر 2006 . وكان من المقرر أن تستضيف اليمن الدورة الرابعة في ديسمبر 2007 ، لكنها اعتذرت من دون توضيح الأسباب . لكن ، وبغضّ النظر عن السبب الكامن وراء الاعتذار ، فإن هذا الموقف اليمني فيه الكثير من الجرأة لأنه دفن ما يسمى "منتدى المستقبل" الذي لن تقوم له قائمة بعد اليوم . وكانت مهمة هذا المنتدى قد حددت بالتشجيع على نشر ما يسمى الديمقراطية والحرية والحكم الرشيد في منطقة الشرق الأوسط الكبير . وخلال المنتدى الذي انعقد في الرباط ، تم الاتفاق على إنشاء سكرتارية للمنتدى ، وحددت دورية شبه ثابتة لاجتماعاته من أجل متابعة ما يتم تنفيذه في دول الشرق الأوسط الكبير . ومن ثم في المنتدى الذي انعقد في المنامة ، تم إنشاء هيئة لنشر الديمقراطية في العالم العربي على أن يخصص لهذه الهيئة صندوق مالي قوامه ستون مليون دولار أمريكي . وقد تبرعت بعض الدول العربية لهذا الصندوق ، وكان من المقرر أن يتم دعم النزعات الليبرالية الغربية في المجتمعات العربية والإسلامية للوصول إلى مرحلة الانقلاب الديمقراطي الغربي الشامل في هذه المجتمعات . لكن رحمة الله تعالى تدخلت لإنقاذ هذه الأمة مما يدبر لها من قِبل ذلك الإخطبوط المالي العالمي . فقد تعرض مشروع الشرق الأوسط الكبير لانتكاسة كبيرة تمثلت في دخول الولايات المتحدة في وحول المستنقع العراقي بسبب المقاومة الشعبية العراقية الكبيرة لمشروع استعمار العراق ، حتى أصبحت الولايات المتحدة عاجزة عن الخروج من هناك من دون خسائر كبيرة . وفي محاولة منها للالتفاف على الخسارة في العراق ، ومن أجل ضمان استمرار مشروع الشرق الأوسط الكبير ، دفعت الولايات المتحدة إسرائيل للعدوان على لبنان في صيف عام 2006 . وقد فشل هذا العدوان فشلاً كاملاً ، وفقدت فيه إسرائيل هيبتها العسكرية . وقد شكّل هذا النصر اللبناني فسحة أمل للشعوب العربية والإسلامية للخلاص من قوى الطغيان العالمي التي تزرع الدمار والخراب في أوطانها . وقد استشعرت الولايات المتحدة الخطورة الكامنة على مصالحها من جراء ذلك النصر ، وأدركت أن استمرار الهجوم من قِبلها ومن قِبل حلفائها "إسرائيل ودول حلف شمال الأطلسي" في المنطقة العربية والإسلامية سيؤدي إلى مزيد من الخسائر لها ، وأنه من المصلحة الآن العودة إلى استراتيجيات الحرب الباردة القائمة على أساس وجود دول حليفة لضمان عدم فقدان السيطرة بالكامل . ولذلك ، تمّ إيقاف مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وتمّ التخلي عن أفكار نشر الديمقراطية والحرية بالقوة في الدول العربية والإسلامية . وتمت إعادة الاعتبار لبعض الحلفاء الذين كانوا يتعرضون ، حتى الأمس القريب ، لسيل من الانتقاد بسبب غياب ما يسمى الديمقراطية في دولهم . لكن لا شك أن إيقاف مشروع الشرق الأوسط الكبير لا يعني التخلي عنه، لأنه جزء من المشروع الإمبراطوري العالمي للولايات المتحدة . وهذا المشروع يهدف إلى إقامة إمبراطورية أمريكية عالمية تكون يدها مطلقة في كل مكان في العالم، وأن تتحوّل حكومات الدول المختلفة إلى موظفين في بلاط تلك الإمبراطورية . ولهذا، ينبغي على الدول العربية والإسلامية الحذر من الولايات المتحدة ، وإذا كانت هناك فرصة قد توفرت لتقويض سلطان هذه الدولة في المنطقة العربية ، فيجب على العرب عدم تفويتها مطلقاً ، وإلاّ فإنهم سيندمون ندامة الكسعي .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024