إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

دعوة ملك البحرين لليهود والمنظومة الإنسانية

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-09-14

إقرأ ايضاً


قــال عضـو مجلــس الشـورى البحرينـي فيصـل فـولاذ ، إن الملـك حمـد بن عيسى آل خليفة دعا يهود البحرين إلى العودة إلى وطنهم ليعيشوا فيه كمواطنين بحرينيين . ولا شـك أن هـذه الدعوة تعكس العقل الحرّ والرؤية الثاقبة التي يملكها جلالة الملك ويسير عليها في تقديره للأشياء ، وفي وضع القيم ، أو تبعاً للزمان والمكان والتجربة تجاه قضايا وطنه وأمته . وكيف لا وجلالته يحمل في قلبه الكبير الحب لمختلف الشعوب ويتطلع إلى أن يسود السلام في كل مكان وخاصة في منطقتنا العربية التي تشهد أبشع صراع في تاريخ الدنيا كلها . فهذه الدعوة تساهم في بناء الجماعة الإنسانية في مختلف ميادينها الروحية والوطنية وفي الشعور بالمسؤولية ، لأن المسؤولية لا تصدر إلاّ عن الذات والشعور بواجب النظرات الكبرى والقدرة على فهم التاريخ والعوامل الخارجية ، ومراعاة الأسس الروحية والقيم العليا وتطورات وأحداث الواقع . والصراع البشع في منطقتنا هو ذلك الصراع الناجم عن اغتصاب اليهود لأرض فلسطين العربية ، ومن ثم إقامة دولتهم إسرائيل عليها . وقد ابتدأ يهود أوروبا بالمشروع الصهيوني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وساعدتهم القوى الاستعمارية الممثلة ببريطانيا وفرنسا على التغلغل في فلسطين وطرد سكانها العرب منها . وكان في مختلف البلاد العربية جاليات يهودية تعيش بأمن وسلام إلى جانب العرب والمسلمين ، وقد أثّرت الحركة الصهيونية على هذه الجاليات ودفعتها إلى الهجرة إلى فلسطين حتى أصبح اليهود العرب في إسرائيل يشكّلون نسبة تقدّر بنحو مليوني صهيوني من صهاينة هذه الدولة . والمشكلة اليوم أن الحركة الصهيونية تستخدم هؤلاء كورقة مساومة في وجه العرب الذين يتمسّكون بحق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه ودياره . وتستنجد هذه الحركة بالولايات المتحدة للضغط على الدول العربية كي تقبل بإسقاط هذا الحق من مبادرة السلام العربية التي أقرّتها قمة بيروت عام 2002 . لا شك أن اليهود العرب تركوا أوطانهم بمحض إرادتهم ، وهناك من تحايل على القوانين في وطنه كي يذهب إلى إسرائيل ، بأن تذرّع بأنه يريد زيارة أوروبا أو أمريكا ، ومن هناك ذهب إلى إسرائيل واستقبلته فيها الحركة الصهيونية بالترحاب . وبالتالي ، فإن هؤلاء الذين باعوا أملاكهم أو تركوها بمحض إرادتهم لا يحق لهم أن يطالبوا بالتعويض . لكن طالما أن الولايات المتحدة التي هي الراعي الوحيد لعملية السلام ، تقف وراء إسرائيل وتدعمها ، فإن العرب لن يستطيعوا الوصول إلى السلام الذي يريدونه . فإسرائيل تطرح على العرب السلام مقابل السلام وليس السلام مقابل عودة الأرض العربية وعودة اللاجئين الفلسطينيين وهي لن تقبل بعودة لاجئ فلسطيني واحد في الوقت الذي تجلب فيه الأوباش من الحبشة والهند ومن أماكن أخرى بدعوى أنهم يهود . وفوق ذلك ، فإنها ستدفع الولايات المتحدة إلى تبنّي مفهومها للاجئين ، فهي تدعي أن فيها "لاجئين يهود عرب" وهي تطالب بتعويض هؤلاء من أجل دفع العرب إلى التخلي عن قضية اللاجئين الفلسطينيين والقبول بالسلام الذي تريده هي . لكن لما كانت قضية اللاجئين هي جوهر القضية الفلسطينية ، فإن التنازل عن حـق هؤلاء في العودة إلى وطنهم ، يعني تصفية قضية فلسطين إلى الأبد ، ولن تقبل أية دولـة عربيـة بهذا الأمر . ومن هنا ، فإن الدعوة الحكيمة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ليهود البحرين للعودة إلى وطنهم تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح. وينبغي أن تعمَّم هذه الدعوة على جميع الدول العربية وأن يصدر صوت عربي واحد يطالب بعودة اليهود العرب إلى أوطانهم العربية كمواطنين عرب ، لكن بشرط أن يتنازلو عن جنسيتهم الإسرائيلية . فالعرب ليس لديهم مشكلة مع اليهود ، بل مشكلتهم هي مع المشروع الصهيوني الهادف إلى إقامة إسرائيل الكبرى على حساب الأرض العربية والمستقبل العربي. لا ريب في أن دعوة اليهود العرب إلى العودة إلى أوطانهم لن تقطع الطريق على إسرائيل في إسقاط حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى فلسطين فقط ، بل إنها كذلك ستضع إسرائيل نفسها أمام تحدٍّ وجودي خطير .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024