إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل يدخل لبنان في الفراغ السياسي ؟

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2007-11-23

إقرأ ايضاً


مع انتهاء ولاية الرئيس اللبناني إميل لحود بتاريخ 24/11/2007 ، يوشك لبنان أن يدخل في فراغ سياسي بسبب عجز الموالاة والمعارضة عن الاتفاق على رئيس جديد يناسب مصالح كلا الفريقين . ففي حين تريد الموالاة رئيساً يعمل على تطبيق القرار الدولي 1559 وما يتعلق منه بنزع سلاح المقاومة وإنهاء حالة العداء مع إسرائيل والدخول معها في تحالف معادٍ لسوريا ، فإن المعارضة تريد رئيساً يحافظ على سلاح المقاومة وعلى عقيدة الجيش اللبناني ولا يخضع لإسرائيل ولا يعادي سوريا ، بل يقيم أفضل العلاقات معها بالتحديد . وقد فشلت كل مبادرات التوفيق التي قام بها الوسطاء الغربيون ، لأن هؤلاء لم يبحثوا عن جذور المشكلة ، بل كانوا يقدمون الحلول الجاهزة التي تتبناها الولايات المتحدة لمصلحتها ولمصلحة حلفائها من قوى الموالاة في لبنان الذين لا تنفك عن امتداح مآثرهم وديمقراطيتهم "المنقطعة النظير" في الشرق العربي الإسلامي ، في مسعى منها لتأصيل وجود هؤلاء في السلطة وجعلهم يمثلون لبنان الجديد الخالي ـ وفق تصورها ـ من المقاومة . وبالاستناد إلى هذا الدعم الأمريكي والغربي ، تسعى الموالاة إلى تجاوز المعارضة وانتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائد واحد ، أي بعدد ممثليها في البرلمان اللبناني بدعوى أن الدستور يجيز ذلك تفادياً لوقوع الفراغ في سدّة الرئاسة . لكن المعارضة التي تستند إلى تمثيل شعبي لبناني واسع ، لن تترك الموالاة تُقدم على هذه الخطوة . ولعل النداء الذي وجهه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى الرئيس إميل لحود لينقذ لبنان وأن لا يتركه للضياع ، كان بمثابة إشارة البدء للمعارضة لإثبات وجودها ، خاصة أن في يد هذه المعارضة ورقة رابحة هي وجود رئيس جمهورية في لبنان مؤيد لها . وهذا الرئيس يستطيع أن يفعل الكثير منعاً لحدوث الفراغ ، وما قد يفعله الرئيس ، سوف يصبّ في مصلحة المعارضة . وطالما أنه لم يتم انتخاب رئيس بأغلبية الثلثين في المجلس النيابي اللبناني في جلسة 23/11/2007 ، فإن الرئيس لحود قد يستمر في منصبه ، وقد يصدر مرسوماً بتشكيل حكومة عسكرية جديدة . وإذا صدر هذا المرسوم ، سيصار إلى تنفيذه من قِبَل القوى المخولة بتنفيذ القوانين ، وسيتم إقالة الحكومة الحالية حتى ولو اعترض رئيس الحكومة الموجودة . ومن ثم تتولى الحكومة الجديدة إجراء انتخابات تشريعية تأتي بمجلس نيابي جديد ، وهذا المجلس الجديد سيتولى انتخاب رئيس جديد . ولن يكون بوسع الولايات المتحدة أو حلفائها في أوروبا أن يفعلوا شيئاً في لبنان ، لأن المعارضة تشكل قوة غالبة فيه . فقد رأى العالم أجمع كيف أن إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة والغرب قد جيّشت جيوشها وقررت العدوان على لبنان في يوليو 2006 بهدف القضاء على المقاومة، ومن ثم القضاء على المعارضة وتمكين الموالاة من حكم لبنان من دون أي عناء . لكن ثبات المقاومة قد أفشل ذاك العدوان ، وكان هذا الفشل نصراً مؤزراً للمقاومة . ولم يعد بوسع أحد بعد ذاك النصر أن ينتزع سلاح المقاومة أو أن يلغي وجودها . فمن غير المعقول أن تنتصر هي على إسرائيل ومن ثم يبدو لبنان ، وفق حكومة الموالاة ، وكأنه ضعيف مهزوم أمام إسرائيل ويستجدي السلام منها . نأمل أن يكون لبنان وطناً لجميع أبنائه وأن يستند إلى وحدته ويؤمن الاعتراف بالتعدد العرقي والديني والثقافي وترسيخ المثل العليا المستمدة من تاريخه بما ينسجم مع مسيرته الثقافية ومحيطه العربي ، وأن تسود الوسطية والاعتدال زعماء الطوائف من أجل أن يصبح لبنان ، وطناً مرفوع الرأس يفرض وجوده ويأخذ حقه دون نقصان ، لأن المسؤولية عظيمة والأمانة ثقيلة .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024