إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إسرائيل والمبادرة العربية

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-11-02

إقرأ ايضاً


أعلن رئيس إسرائيل شمعون بيريز قبول إسرائيل مبادرة السلام العربية ، وقال عقب مباحثاته مع الرئيس المصري حسني مبارك في مدينة شرم الشيخ المصرية يوم 24/10/2008 ، إن إسرائيل تقبل المبادرة العربية من أجل السلام في كل المنطقة لنعيش سوياً . ومن العجب أن إسرائيل تذكّرت مبادرة السلام العربية بعد نحو ست سنوات من طرحها في قمة بيروت العربية عام 2002 . وقد كانت تُعلن قبل ذلك ، أنها لا تقبل بهذه المبادرة وأنه لا يستطيع أحد في العالم أن يملي عليها شروطاً لا تريدها . لكن ترى ماذا حدث حتى غيّرت إسرائيل قناعتها وعادت لتقبل بالمبادرة ؟. لا شك أنه حدثت تغيرات كبيرة في توازنات القوى الدولية ، فالولايات المتحدة التي شكّلت الدرع الحصين والراعي الأمين لإسرائيل أصبحت الآن تترنّح من جراء الأزمة المالية التي قد تؤدي إلى انهيار اقتصادي شامل فيها . وإذا لم تتفكك هذه الدولة إلى مجموعة من الدويلات ـ كما حدث للاتحاد السوفيتي السابق ـ فإنها حتماً لن تعود القوة العظمى الوحيدة في العالم ، بل ستصبح قوة من مجموعة قوى كبرى . وهذا سيؤدي إلى انحسار هيمنتها العالمية لمصلحة القوى الأخرى المنافسة . وقد أدرك قادة إسرائيل حجم التغيرات التي تحدث ، وعلموا أن عهد التفرّد الأمريكي والغربي بمقدرات الشعوب قد انتهى . ولهذا رأوا أنه لا بدّ من إعادة رسم استراتيجية إسرائيل بما يتوافق مع المستجدات الحاضرة وبما يسمح لها بالبقاء والاستمرار حتى من دون الدعم الأمريكي والغربي . فقرروا إعادة نسج التحالفات وتحقيق التوازنات في المنطقة ، وتوافقوا على ضرورة قبول المبادرة العربية باعتبار ذلك مدخلاً أساسياً لخلق مناخ سياسي جديد في المنطقة ينزع فتيل التوتر ويحقق الاستقرار لإسرائيل . لكن هل تستطيع إسرائيل قبول المبادرة العربية التي تنصّ على انسحابها من كل الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وقبولها بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم؟. الواقع أن إسرائيل مستعدة الآن للانسحاب من معظم أراضي الضفة الغربية ومن الجولان السوري ومن باقي أراضي جنوب لبنان ، مقابل السلام مع العرب . ولكنها لن تقبل بعودة اللاجئين ، ذلك أن كل قادة إسرائيل أعلنوا مراراً وتكراراً أنهم لن يقبلوا بعودة لاجئ فلسطيني واحد إلى ما يعتبرون أنها أرض آبائهم وأجدادهم ، وأن عودة اللاجئين سوف تعني أن إسرائيل كانت مسؤولة عن تهجيرهم وعليها أن تدفع لهم تعويضات نظير المعاناة التي تكبّدوها في أوطان غربتهم . كما أن عودة اللاجئين ستقضي على حلم الدولة اليهودية . ولعل طرح فكرة الدولتين منذ البداية ، إنما جاء كحل لمسألة اللاجئين على غير حساب إسرائيل ، بحيث يعود هؤلاء إلى الدولة الفلسطينية في الضفة وغزة ، وتبقى إسرائيل دولة لليهود . وربما على هذا الأساس ستقوم إسرائيل بمفاوضة العرب حول المبادرة العربية للسلام . ولا شك أن معظم الدول العربية لن تقبل إلاّ بعودة اللاجئين إلى بيوتهم التي هُجِّروا منها في صفد وحيفا وعكا ويافا واللدّ والرملة وباقي مدن وقرى فلسطين . وهذا سيدفع إسرائيل للعودة إلى رفض مبادرة السلام العربية ، لأنه لا يوجد سياسي صهيوني واحد قادر على اتخاذ قرار بقبول حق العودة ، وربما إذا قَبِل أحد السياسيين الإسرائيليين بعودة اللاجئين ، فعند ذلك ستحدث فِتَن وحروب داخلية في الكيان الصهيوني ، وسيتولى المتطرفون الصهاينة قيادة هذه الدولة وسوف يتجهون بها ، بلا ريب إلى الجحيم ، وربما لن يكون بوسعهم آنذاك سوى تحقيق قلعة "ماسدة" جديدة في فلسطين .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024