إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مؤتمر آنا بوليس والتسوية الموهومة

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2007-11-20

إقرأ ايضاً


ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن رئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت أكد أنه سيشترط على الفلسطينيين بعد لقاء آنا بوليس في الولايات المتحدة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية . ويأتي هذا الشرط الإسرائيلي ليقضي على كل أمل عند الذين يعتقدون بإمكانية حدوث تسوية بين إسرائيل والشعب الفلسطيني في مؤتمر بوش القادم في آنا بوليس . ذلك أن التيار المعتدل في الأراضي الفلسطينية وفي المنطقة العربية كان و ما يزال يراهن على جدية الولايات المتحدة في تحقيق السلام وفي إقامة دولة فلسطينية وتسوية جميع الملفات الشائكة والمعلقة ، وأهمها قضية اللاجئين الفلسطينيين . غير أن هذا الشرط الإسرائيلي وضعهم أمام حقيقة صعبة وجعلهم يتفكرون في كيفية إبقاء آمالهم معقودة على المؤتمر العتيد ، وفي كيفية ترضية شعوبهم وجعلها يستمر في الوثوق بهم وبتحالفهم مع الولايات المتحدة . ولم تجد السلطة الفلسطينية من ردٍ ، بعد أن سمعت ذلك الشرط ، سوى الرفض له بدعوى أنه لا توجد أية دولة تستند في هويتها الوطنية إلى دينها . ونسيت هذه السلطة أن الولايات المتحدة التي ترعى العملية السلمية ، هي التي اعترفت في وقت سابق بأن إسرائيل دولة لليهود فقط ، وأن موقف إسرائيل الحالي ينسجم مع الموقف الأمريكي تجاهها . وبالتالي ، فإن الأمريكيين لن يضغطوا على إسرائيل للتخلي عن شرطها بالحفاظ على هويتها اليهودية ، بل إنهم سيعملون على إجبار السلطة الفلسطينية على القبول بهذا الأمر ، والتخلي عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم في فلسطين ، وهو الشيء الذي لن تستطيع السلطة الفلسطينية أن تفي به ، لأن قضية اللاجئين هي نقطة ارتكاز القضية الفلسطينية . وهذه القضية غير خاضعة للمناقشة والمساومة ، لأن هناك خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في جميع بقايا الدنيا . وهؤلاء لن يقبلوا بأية تسوية تهضم حقوقهم المشروع في العودة إلى وطنهم الذي هجرتهم منه عصابات الغدر الصهيونية أثناء نشأة إسرائيل المشؤومة عام 1948 . ولا تملك السلطة الفلسطينية أو أي سلطة في العالم الحق في منع هؤلاء من العودة إلى فلسطين . وتدرك السلطة الفلسطينية أن قبولها بالشرط الإسرائيلي القاضي بالاعتراف بيهودية إسرائيل سيؤدي إلى تشويه صورتها أمام الشعب الفلسطيني . ولذلك ، فهي لن تستطيع الموافقة على هذا الشرط ولن تستطيع بالتالي القبول بتسوية إسرائيلية أمريكية للقضية التي تدعي أنها تناضل من أجلها ، وهي قضية فلسطين الأرض والشعب والوجود . ومن هنا ، فإن مؤتمر بوش المقبل سيكون مصيره الفشل ، ولا شك أن الأمريكيين يعلمون جيداً أن الطرف الفلسطيني لن يقبل بإسقاط قضية اللاجئين من جدول المفاوضات ، ولن يقبل بالاعتراف بيهودية إسرائيل . ومع ذلك، فهم يثابرون على توجيه الدعوات إلى الأطراف العربية التي يريدون حضورها في مؤتمرهم المقبل ، وكأنهم يريدون أخذ التزام من هذه الأطراف بشطب قضية اللاجئين من القاموس السياسي العربي ، بدعوى أن الحل لا يمر إلاّ من خلال إسقاط حق اللاجئين في العودة ، وأن هناك قضايا أخرى في المنطقة تتطلب توحيد الجهود بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمعتدلين العرب لمواجهتها ، وأهم هذه القضايا هو الوضع في العراق . ومن هنا ، فإن هذه الإستراتيجية الأمريكية ، ورغم كل ما تملكه الولايات المتحدة من قوة ونفوذ لن تستطيع فرض الحلول الجاهزة على الشعب الفلسطيني وعلى الشعوب العربية . فقضية فلسطين كانت وستبقى القضية الأولى والأخيرة بالنسبة لجميع العرب . وأما قضايا الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما العرب ، فإنها لن ترتقي لتصبح قضايا للشعوب العربية ، ولن يكون الحل في فلسطين أو في العراق أو في أي مكان من المنطقة العربية والإسلامية إلاّ حلاً وفق ما يريده العرب والمسلمون .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024