إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الولايات المتحدة حليف لإسرائيل

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-05-20

إقرأ ايضاً


حثّ الرئيس الأمريكي بوش الخطى وجاء إلى إسرائيل ، ليحتفل فيها مع الإسرائيليين بالذكرى الستين لولادة دولة إسرائيل . وقد وقف بوش أمام الكنيست في القدس المحتلة وقال :"بعد ستين عاماً من الآن ، ستحتفل إسرائيل بذكراها رقم 120 وهي واحدة من أعظم الديمقراطيات في العالم" . وأضاف:"قد يكون عدد سكان إسرائيل أكثر بقليل من سبعة ملايين ، ولكن عندما تواجهون الإرهاب والشرّ تصبحون 307 ملايين (إضافة 300 مليون أمريكي) لأن الولايات المتحدة تقف معكم" ، ووصف بوش إسرائيل بأنها "وطن الشعب المختار". وبهذا الخطاب المتطابق بشكل كامل مع الخطاب الصهيوني يكون بوش قد أعلن أنه جزء من هذه الكتلة الموجودة في فلسطين . لكن لا بد من القول إن مثل هذه المواقف ليست بجديدة على رؤساء الولايات المتحدة الذين دأبوا منذ بدء المشروع الصهيوني ، مطلع القرن العشرين ، على تبنّي قضية الصهاينة ودعمهم بهدف اغتصاب فلسطين . ولعل الجديد في الموضوع هو أن الولايات المتحدة في هذا الوقت تجهد نفسها لحرف الصراع بين العرب وإسرائيل من خلال خلق عدو جديد للعرب يتمثل في قوى الممانعة والمقاومة في المنطقة العربية والإسلامية والتي يتم تقديمها على أنها قوى ظلامية تعادي الحداثة وتعارض عملية السلام ولا تريد الخير للعالم العربي والإسلامي . وأن من مصلحة العرب والمسلمين أن يتخلصوا من هذه القوى لكي يفوزوا بجنان الديمقراطية والليبرالية الغربية الموعودة . ولا شك أنه كان يمكن للشعوب العربية ، قبل الحكومات ، أن تقبل مثل هذا الخطاب لو أنها رأت ، فعلاً ، أن الولايات المتحدة تقف على الحياد وتعمل ، بجدّ ، لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ، ومن خلال تنفيذ المبادرة العربية أو أية مبادرة أخرى تعيد الحقوق وتنصف الشعب الفلسطيني المظلوم . لكن الولايات المتحدة تثبت في كل وقت أنها وسيط غير نزيه ، بل هي منحازة بالكامل لجانب إسرائيل ، وإلاّ كيف يمكن لعاقل أن يصدّق أن رئيسها الذي يفترض فيه أن يكون سياسياً ومفكراً بسبب ما تمثله الولايات المتحدة من قوة علمية متطورة ، يؤمن بأن إسرائيل "دولة ديمقراطية" بل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة ، وأنها ستعيش وفق زعمه ، ستين سنة أخرى ، وسيحتفل الصهاينة مع الأمريكيين في ذلك الوقت بالذكرى المئة والعشرين لقيامها !. الواقع أن هذا الخطاب الذي خرج من الرئيس بوش ، يقدم دليلاً آخر على أن رهانات بعض العرب على الولايات المتحدة في إنجاز تسوية سلمية مع إسرائيل هي رهانات خاسرة . غير أن مُنَظِّري العلاقات العربية مع الولايات المتحدة يقولون إن العرب لا خيار لهم سوى الخضوع للإملاءات الأمريكية ، لأنهم ليسوا قوة عظمى ، وعليهم أن يقبلوا بأي فتات يُلقى إليهم من الأمريكيين وإسرائيل . إن هذا المنطق كان بالتأكيد صحيحاً حتى النصف الثاني من القرن العشرين ، لأن الشعوب العربية والإسلامية كانت آنذاك خاضعة للاستعمار الأوروبي ، وكانت تعيش في فقر وجهل وتخلّف . وكانت حفنة صغيرة من الصهاينة قادرة على قهر مجموعة جيوش عربية ، لأن هذه الجيوش لم تكن تملك القرار المستقلّ ، ولا الأسلحة المناسبة . ومع استقلال الشعوب العربية والإسلامية ، ظهرت دول حديثة في الشرق العربي المسلم ، تأخذ بأسباب العلم وتسعى إلى تحقيق التنمية لشعوبها . وترافق ذلك مع انتهاء القوة من أوروبا وانحصار القوة في الغرب بالولايات المتحدة التي يمكن وصفها بأنها آخر نفس في الحضارة الغربية . وقد توالت الضغوط على الولايات المتحدة ابتداء من الصراع مع الاتحاد السوفيتي السابق وحتى الحرب في فيتنام وصولاً إلى أحداث 11 سبتمبر ومن ثم احتلال العراق الذي كان قاصمة الظهر بالنسبة لها ، لأنه أوقعها في مستنقع رهيب تتخبط فيه لوحدها ، وينهار اقتصادها وهي تشاهد بعينين باكيتين . وإسرائيل تلك الطفلة المدللة عندما شاهدت مأزق حليفتها في العراق ، حاولت إنقاذها من خلال الاعتداء على لبنان عام 2006 أملاً منها في احتلال هذا البلد ، ومن ثم زعزعة استقرار الدول المجاورة ، وبالتالي إشاعة الفوضى في المنطقة كلها . ولكنها فشلت، وأصبح هناك واقع عربي جديد عنوانه المقاومة والانتصار . وإذا كانت الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ما تزالان تكابران ، فعن قريب ستنكشف الوجوه ويحصحص الحق.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024