إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

فرقة عسكرية إسرائيلية والغزو الأمريكي للعراق

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-03-16

إقرأ ايضاً


في العراق تموت الأشياء ويراق الوجدان في طغيان الألم ، وموت الأشجار وهي واقفة ، والعصافير التي تبحث عن الأمان بين الدخان تترصدها أحزمة ناسفة ، وسيارات مفخخة ، وقذائف من أطراف مجهولة موصدة بوحشية الليل ، وأصوات الرصاص في عشوائية الموت ، بسبب هذه الحرب التي أرادت إسرائيل من خلالها أن تقتل الوطن وإنسانه وأشجاره في مشهد عبثي . فقد نشرت صحيفة "يو أس إيه توداي" الأمريكية في تقرير لها بتاريخ 3/11/2002 بأن إسرائيل كانت تساعد الولايات المتحدة الأمريكية في التحضير للحرب ضد العراق عن طريق توفير التدريب للجنود وقوات المارينز على حرب المدن ، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك شارون طالب بوضع استراتيجية عسكرية جديدة عام 2001 ،بالتعاون مع خبراء البنتاغون للحرب على العراق ، وأنه ناشد الرئيس الأمريكي بعدم تأجيل أمريكا عملها العسكري وأن أي تأخير سوف يزيد من المخاطر ومن إمكانية تزوّد العراق بالأسلحة النووية . ويؤكد ذلك ما نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في عددها يوم 25/2/2008 عن مقتل جندي إسرائيلي في العاصمة العراقية بغداد بعد أن استهدف لغم أرضي السيارة الجيب التي تواجد بداخلها ، وذكرت الصحيفة أن الجندي عامي حاي بيتون تطوّع للخدمة في صفوف الجيش الأمريكي هناك . وفي البداية لا بدّ من القول ، إن حكاية أن هذا الجندي تطوّع في الجيش الأمريكي هي حكاية عمياء غشوم ، لأن لإسرائيل فرقة عسكرية مؤلفة من نحو ثلاثة آلاف جندي تقاتل إلى جانب جيش الاحتلال الأمريكي . وطبعاً يبقى وجود هذه الفرقة الصهيونية في العراق من الأسرار التي لا يباح بها خوفاً من ردّة فعل المستوى الرسمي العراقي المتعامل مع الاحتلال والذي قد يجرحه هذا الأمر كثيراً . كما أن انكشاف أمر وجود هذه الفرقة الصهيونية ، يشكّل إحراجاً أيضاً للدول العربية والإسلامية الحليفة للولايات المتحدة ، ولذلك تحرص إدارة الاحتلال الأمريكي في العراق على التعمية على وجود هذه الفرقة الإسرائيلية ، ويتم التعامل معها ، ميدانياً ، على أساس أنها جزء من الجيش الأمريكي وليس جزءاً من جيش دولة أخرى . ولا يحمل أفراد هذه الفرقة شارات تميزهم عن أفراد الجيش الأمريكي باستثناء أنهم وشموا نجمة داؤد على زنودهم لكي يُعرفوا إذا قتلوا . لكنهم يسترون هذا الوشم الذي لا يمكن أن يُرى إلاّ في حالات استراحة هؤلاء الجنود . ويقوم هؤلاء الصهاينة بدور تخريبي على أعلى مستوى في العراق ، فهم يشكلون فرق الموت المتنقلة ، ويتخصصون بدرجة أولى في ملاحقة وقتل العلماء والأطباء وأساتذة الجامعات والمثقفين العراقيين من أجل تصفية العراق من العقول . كما يعملون على إشعال الفتنة الطائفية بين السُنّة والشيعة من خلال التفجيرات التي تحدث في مناطق السُنّة والشيعة على السواء . وقد يقول قائل ، أليس من المجحف تحميل هؤلاء الصهاينة وزر كل الإجرام الذي يحدث في العراق ؟. ونقول ، إن تدمير العراق كان قبل كل شيء مصلحة إسرائيلية ، فقد ظل الصهاينة سنوات طويلة يحرّضون حكام الولايات المتحدة المتعاقبين على العدوان على العراق من منطلق أنه يشكّل خطراً على أمن ووجود إسرائيل . وعندما قامت الولايات المتحدة بالعدوان على العراق عام 2003 ودمّرت الدولة العراقية واجتاحت العراق ، كانت سعادة الصهاينة لا توصف بعد أن تحقق حلمهم . وقد شارك هؤلاء بكل ما يملكون لنصرة ومساعدة الغزاة ، ولأنهم لا يريدون للعراق أن يبقى بلداً واحداً ، ولا أن يبقى فيه أحد ، فإنهم أرسلوا أثناء الغزو وبعده ، عناصر على مستوى عالٍ من الإجرام المنظم للقيام بهذه المهمة . وقد عاثت هذه العناصر فساداً كبيراً في ربوع العراق ، فقتلت الكثير من النخب المثقفة ، والكثير من المواطنين الأبرياء بالسيارات المفخخة في الأسواق المزدحمة في أحياء السُنّة والشيعة ، وفي مدن وقرى السُنّة والشيعة ، وهم ما زالوا يمارسون الإجرام والقتل . وتدّعي حكومة العراق ، أنها تبسط سيطرتها على مناطق العراق من خلال الشرطة العراقية والجيش الوطني العراقي . ولكنها في حقيقة الأمر ، ربما لا تعلم سوى القليل عما يدور في العراق وعما تفعله الجيوش الغازية من قتل وإرهاب بحق العراقيين ، ومن سرقة لثروات العراق ولحاضره ومستقبله . ولا شك أن إيمان العراقيين بأن بلدهم محتل هو الذي يدفعهم نحو الاستمرار في المقاومة رغم كل محاولات الأمريكيين وحلفائهم لمنعهم من ذلك عن طريق الإرهاب والقتل والملاحقة والسجن والتجويع والتهجير . فهذا الشعب الذي أنتج أعظم العقول المفكرة في التاريخ العربي وخرج من أبنائه الفلاسفة والأدباء ، قادر بإذن الله أن يحرر وطنه بشكل ناجز وأكيد .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024