إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

دولة لليهود في الصين

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-06-24

إقرأ ايضاً


أنتجت فضائية "العنقاء" الصينية التي تبث من هونج كونج بالتعاون مع محطة هاربين الصينية التلفزيونية فيلماً وثائقياً بعنوان "حياة اليهود في الصين ، ذكريات خلت" وهو يتحدث عن خطة يابانية في النصف الأول من القرن العشرين . تتلخّص في العمل على إنشاء دولة لليهود في منطقة منشوريا الصينية . وكانت هذه الخطة تُسمى "قنفذ البحر" وقد عملت اليابان على تنفيذها من خلال تشجيع هجرة اليهود من روسيا وأوروبا والشرق الأوسط إلى منشوريا ، حتى أصبح هناك نحو 25 ألف يهودي أنشأوا مجتمعاً متكامل الوظائف ، يضمّ المدارس والمستشفيات والبنوك والنوادي والمقابر حتى دور العجزة والمسنين . وقد عاش هؤلاء في منشوريا قرابة نصف قرن ـ كما يقول الفيلم ـ قبل أن يشرعوا في مغادرتها تباعاً متوجهين إلى إسرائيل الوليدة للمساهمة في بنائها ودفعهم إلى ذلك هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية . والواقع أنه سواء كانت قصة هذا الفيلم واقعاً أو مجرد خيال ، فإنها تكشف حقيقة الشعور الذي يكنّه الشعب الصيني تجاه اليهود ، وهو شعور سلبي ينظر إلى هؤلاء على أنهم أدوات الاستعمار في كل مكان ، الأمر الذي يجب على العرب استثماره من خلال تقوية أواصر الصداقة والتعاون مع الصين بهدف هزيمة المشروع الصهيوني في أرض فلسطين . ولا شك أن اليهود في القرن التاسع عشر ، وبعد أن استشعروا في أنفسهم القوة ، سعوا إلى بناء دولة خاصة بهم ، وكانت فلسطين مركزاً لهذا التفكير بسبب اعتبارها في التوراة "أرض الوعد" . لكن اليهود فكروا في أماكن أخرى مثل الأرجنتين ، إلاّ أنهم ما لبثوا أن اعتمدوا أرض فلسطين وحصروا جهودهم في إقامة وطن قومي لهم فيها ، وبدأت رحلة استيطانهم هناك منذ عام 1860 . وقد ظل الاستيطان اليهودي يسير بخطى بطيئة حتى انهزمت الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى عام 1918 . إذ بعد هذا التاريخ ، انفتحت أبواب فلسطين أمام اليهود ، وذلك بمساعدة المستعمر البريطاني حتى استطاعوا إعلان دولتهم المشؤومة عام 1948 . وكانت اليابان من عام 1894 حتى عام 1945 أكبر عدو للصين ، وقد بدأت العداوة بين الدولتين إثر حدوث النهضة اليابانية الحديثة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر . إذ احتاجت هذه النهضة إلى المواد الأولية اللازمة للصناعة ، وأيضاً إلى أسواق تصريف المنتجات . وكانت الصين تمثل الفضاء المفتوح أمام اليابان بسبب ضعف الحكومة الصينية آنذاك ووقوعها في قبضة المستعمر الغربي البريطاني والفرنسي والأمريكي . وقد بدأ الصراع بين اليابان والصين أولاً ، حول كوريا التي كانت تحت السيادة الصينية . فاندلعت الحرب بين الدولتين عام 1894 واستمرت عاماً واحداً وانتهت بهزيمة الصين وأصبحت كوريا ومناطق صينية أخرى تحت الهيمنة اليابانية . وبدأت اليابان تتدخّل في الشؤون الداخلية للصين ، فكانت تشجع على الفوضى فيها وتثير الأحقاد بين زعماء الأقاليم الصينية . ومن ثم في عام 1937 استغلت اليابان تقهقر القوى الاستعمارية الغربية أمام النفوذ الألماني المتعاظم في أوروبا . فقامت باجتياح الصين واكتسحت المناطق الشمالية والساحلية منها ، وقد نهض الشعب الصيني يقاوم هذا الغزو الياباني لأرضه . ونجحت المقاومة الصينية في منع احتلال كامل الصين ، ولكنها لم تستطع طرد الغزاة من الأرض الصينية التي ظلت تحت سيطرتهم حتى انهزموا هزيمة ساحقة في الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، حيث اضطروا إلى الجلاء عن الأرض الصينية وهم يجرّون أذيال الخيبة . وقد ظل الشعب الصيني يحمل أبشع الذكريات عن تلك السنين المجدبة في ظل الاستعمار الياباني . ولعل إنتاج فيلم وثائقي صيني عن مسعى اليابان لإقامة دولة لليهود في الصين ، هو أبلغ دليل على أن الشعب الصيني لا يمكن أن ينسى إجرام المستعمرين بحقه . كما أنه لا يمكن أن يكون نصيراً وحامياً لأذيال المستعمرين الذين يعيشون في إسرائيل .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024