إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

كتاب الحرب والقرار

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-08-26

إقرأ ايضاً


ذكرت وكالة أنباء أمريكا أن دوغلاس فايث ، الرجل الثالث في وزارة الدفاع الأمريكية في عهد الوزير السابق دونالد رامسفيلد ، أصدر كتاباً بعنوان "الحرب والقرار" وفي الصفحة التالية لمقدمة الكتاب وضع فايث خريطة تُظهر العراق مقسّماً إلى ثلاث دول. كما تحسم حدود إسرائيل التي لم ترسم حدوداً لنفسها حتى الآن ، بحيث تشمل المناطق المحتلة التي تجري المفاوضات بشأنها مثل الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والجولان السوري . ولعل أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو: ما مقصد دوغلاس من وراء نشر هذه الخريطة في صدر كتابه ؟. وهل لهذا الأمر علاقة بالسياسة الأمريكية المرسومة للمنطقة باعتبار أنه كان مقرّباً من دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة ؟. لا شك أن هذه الخريطة لا يمكن أن تكون أضغاث أحلام منه، بل إنها تعكس حقيقة المخططات الصهيونية في المنطقة العربية . هذه المخططات التي يتم تنفيذها عن طريق الولايات المتحدة ، ولا عجب في ذلك ، لأن السياسة الأمريكية تجاه العالم العربي مفصّلة على مقاس إسرائيل ، ومصالح هذه الدولة مقدمة على مصالح غيرها من الدول العربية . وتفضيل إسرائيل ليس مجرد وهم ، بل هو حقيقة واقعة كل يوم منذ ولادتها عام 1948 . فإذا قالت إسرائيل لأمريكا يجب مقاطعة الدول العربية ، أو يجب أن لا يُباع السلاح إلى هذه الدولة العربية أو تلك ، فإن أمريكا تفعل ما تؤمر به من دون أي نقاش . وقد يتساءل المرء ، كيف يمكن لدولة صغيرة مثل إسرائيل أن تتحكّم بدولة عظمى مثل الولايات المتحدة؟. الواقع أن هذه الحالة منقطعة النظير في كل تاريخ الدنيا وهي غير موجودة إلاّ في أسطورة هرقل الذي غضب عليه أبوه زيوس فجعل أضعف إنسان في بلاد اليونان يتحكّم فيه . لكن من غير المعقول أن يكون المسيح قد غضب على أتباعه في الولايات المتحدة فجعلهم عبيداً وخدماً ليهود إسرائيل . ولا شك أن السبب الأساسي والوحيد في هذه العلاقة المشبوهة وغير المتكافئة بيـن الولايـات المتحـدة وإسرائيـل هـو أن اليهود هم الذين يملكون القرار في الولايات المتحدة وهم الذين يسيّرون السياسة الأمريكية . أما كيف استطاع هؤلاء السيطرة على تلك الدولة العظمى ، فإن هذه القضية شرحها وليام جاي كار في كتابه "أحجار على رقعة الشطرنج" . وعلى الرغم من أن كثيراً من العرب يرفضون القول بأن اليهود يقودون أمريكا اعتقاداً منهم أن ذلك يدخل في إطار فكر المؤامرة الذي لا يؤمنون به فكيف يمكن لهؤلاء أن يفسروا الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل على حساب جميع الدول والشعوب العربية . فهل حقاً أن إسرائيل أفضل لأمريكا من جميع الدول العربية ؟. لا شك أن السياسة بين الدول تحرّكها المصالح وليس العواطف ، ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة العربية هي مع العرب وليس مع إسرائيل . لكن السياسة الأمريكية تخالف هذه القاعدة وتفضّل إسرائيل على العرب . وهذا يعني أن الولايات المتحدة لا تملك قرارها . والواقع أن الكثير من رجال السياسة والمثقفين الأمريكيين يعرفون هذه الحقيقة ، ولكنهم لا يستطيعون التصريح بها خوفاً من الملاحقة بتهمة معاداة السامية ، وبالتالي السجن والمساءلة القانونية . ومن غير الممكن إنقاذ أمريكا من براثن اليهود إلاّ بثورة داخلية كبرى. إذ عند ذلك سيبحث اليهود عن دولة عظمى أخرى يتسلّطون عليها . لكن هؤلاء الآن مرتاحون في الولايات المتحدة ويتابعون خططهم لإنجاز المشروع الصهيوني في المنطقة العربية بواسطة الآلة العسكرية الأمريكية . والآن بعد أن دمّروا العراق ، يريدون صياغة عالم عربي جديد يكون خالياً من الدول الكبيرة ، بل يكون عبارة عن دويلات طائفية وعرقية متصارعة فيما بينها . وفي هذا الوقت تكون إسرائيل قد ابتلعت كامل فلسطين وتكون قد رسّخت وجودها في الجولان ، وتصبح آنذاك قادرة على الانطلاق نحو المرحلة الثانية والأخيرة ، وهي بناء إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل . ولا شك أن خريطة دوغلاس فايث ليست سوى جزء من الخريطة الكبرى التي ينفّذها يهود أمريكا بصبر وهدوء . وهي خريطة إذا لم يتم إيقاف منفّذيها ، فإن الخراب سيحلّ بعالمنا العربي لا محالة .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024