إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الصراع على أوكرانيا بين روسيا والغرب

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2007-11-13

إقرأ ايضاً


دخلت أوكرانيا من جديد في طور الأزمات إثر الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 30/9/2007 والتي أظهرت نتائجها أن الأحزاب المؤيدة للرئيس فيكتور يوشنكو الموالي للغرب متقدمة بفارق ضئيل على الأحزاب المؤيدة لرئيس الوزراء فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا ، الأمر الذي يعني أن أياً من الخصمين لن يتمكن من تشكيل حكومة جديدة مما ينذر بحدوث فوضى أو حتى حرب أهلية في هذا البلد الذي يدفع ثمن موقعه الجغرافي، فهو يقع على أبواب أوروبا الشرقية وفي الخاصرة الجنوبية الغربية لروسيا ، كما أنه مطلّ على البحر الأسود . ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991 ، عملت الولايات المتحدة بكل ما تملك من قوة على كسب الدول التي كان يتألف منها إلى جانبها بهدف محاصرة روسيا لتفتيتها هي الأخرى والخلاص بشكل نهائي منها ومن خطرها على أمنها في الحاضر والمستقبل . وكانت أوكرانيا محطّ اهتمام الولايات المتحدة نظراً لضخامتها من حيث المساحة التي تبلغ 600 ألف كيلومتر مربع ، وعدد السكان الذي يناهز الـ 50 مليون نسمة ، وهي غنية بثرواتها الطبيعية والمنجمية كالحديد والنفط والغاز . ولذلك تم التركيز عليها والاهتمام بها ، وتجلى ذلك في نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت عام 1994 والتي أسفرت عن مجلس تشريعي منقسم انقساماً شديدياً بين الموالين لروسيا في الشرق والموالين للولايات المتحدة في الغرب . لكن لما كانت الحركة الأمريكية في أوكرانيا ما تزال في بدايتها ، لذلك استطاع ليونيد كوتشما الموالي لروسيا أن يفوز في انتخابات الرئاسة في ذلك العام وأن يقود أوكرانيا في خطّ استقلالي أقرب إلى روسيا من الولايات المتحدة ، مما جعل هذه الأخيرة تغضب على هذا الرئيس . وفي نفس الوقت سعت إلى تقوية حلفائها في الأحزاب الأوكرانية المعارضة . وقد تنبّهت روسيا إلى تلك السياسة فعملت على التضييق على المعارضة وخاصة على زعيمها الرئيس الحالي فيكتور يوشنكو الذي تعرّض لمحاولة اغتيال بالسمّ ، واتهمت هي بالوقوف ورائها . وعندما انتهت ولاية الرئيس كوتشما عام 2004 استطاع فيكتور يوشنكو الموالي للولايات المتحدة أن يفوز على خصمه فيكتور يانوفيكتش الموالي لروسيا ، وذلك بانتخابات الرئاسة . فحدثت أزمة وصراع سياسي كبير في أوكرانيا ، وكاد الشعب الأوكراني أن يدخل في حرب أهلية بسبب الانقسام الحاد بين تياريه المتجابهين واللذين يحمل كل منهما مفهوماً لشكل وتوجه الدولة الأوكرانية مغايراً للتيار الآخر . فالموالون للولايات المتحدة يريدون ضمّ أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي وإلى حلف شمال الأطلسي ، كما أنهم يريدون الانعتاق بشكل نهائي من الهيمنة والإرث الاستعماري الروسي لبلدهم . أما الموالون لروسيا فإنهم يريدون بناء أفضل العلاقات معها لما يجمع بين الشعبين الأوكراني والروسي من صلات تاريخية وثقافة مشتركة . فمعظم الشعب الأوكراني يدين بالمسيحية الأرثوذكسية التي هي ديانة غالبية الروس . ومنذ عام 1654 وقعت أوكرانيا تحت الهيمنة الروسية وظلت كذلك حتى سقط الاتحاد السوفيتي السابق الذي كانت روسيا أساسه ، وخلال هذه المدة الطويلة تعمّقت العلاقات بين الروس والأوكرانيين . ولذلك ، فإنهما الآن يجب أن يستمرّا سوية بعيداً عن الآخرين . وبين هذين الاتجاهين المتعارضين في أوكرانيا ، فإن مستقبل هذه الدولة يبدو غامضاً ، خاصة أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين مصممون على جذبها إلى جانبهم وإلحاقها بهم لاستغلال خيراتها وثرواتها ولاستخدامها كمنصة للتجسس على روسيا ومعرفة أسرارها . أما روسيا ، فإنها ستعمل جاهدة على منع ابتعاد أوكرانيا عنها وإلحاقها بالغرب . وفي هذا الصراع الذي قد يطول ، لن تنتصر إرادة الولايات المتحدة على إرادة روسيا ، ولن تدور أوكرانيا إلاّ في الفلك الروسي ، لأن روسيا عادت من جديد كقوة عالمية عظمى . وطالما أن القوي يفرض شروطه دائماً ، فإنها ستحصل على ما تريد وستكون أوكرانيا من نصيبها في المستقبل .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024